الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٨٦
الأشاعرة والمعتزلة في التاريخ.
يقول ابن الخياط: إن هشام بن عبد الملك لما بلغه قول غيلان (الدمشقي) بالاختيار، قال: ويحك يا غيلان! لقد أكثر الناس فيك، فنازعنا في أمرك، فإن كان حقا اتبعناك. فاستدعى هشام ميمون بن مروان ليكلمه، فقال له غيلان: أشاء الله أن يعصى؟ فأجابه ميمون: أفعصي كارها؟ فسكت غيلان، فقطع هشام بن عبد الملك يديه ورجليه (1).
وقيل إن (غيلان الدمشقي) الذي كان يذهب مذهب الاختيار وقف على رأس (ربيعة الرأي) الذي كان يذهب مذهب (الجبر) في القضاء والقدر. فقال: أنت الذي يزعم أن الله يحب أن يعصى؟
فقال له ربيعة: أنت الذي يزعم أن الله يعصى قهرا (2)؟.
وتنحل هذه العقدة العجيبة بالتفكيك بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، وهو ما صنعه أهل البيت (عليهم السلام) في حل هذه المشكلة، ولربما لأول مرة في التاريخ العقلي الإسلامي. وعندئذ يكون جواب غيلان لميمون بن مروان أو لربيعة الرأي واضحا، ولن يطول تردده طويلا في الإجابة القاطعة على هذا التساؤل الغريب.
والجواب: إن الله لا يعصى كارها ولا مقهورا، إذا كان المقصود من الكراهية والقهر (الإرادة التكوينية) وإنما يعصى بإرادته سبحانه وتعالى من دون كراهية وقهر كما بينا ذلك بوضوح في الفقرة السابقة.

(١) الانتصار، للخياط: 179 - نقله عن منية الأمل: 30 - 32.
(2) الانسان والقدر، الشيخ المطهري: 38.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99