وأما إن كان المقصود منها (الإرادة التشريعية) فليس من بأس أن يعصى الله تعالى وهو يكره المعصية، فإن الناس يكثرون من معصية الله تعالى، والله تعالى يكره معصيتهم ويمقتها ويغضب عليهم من أجلها، وإن كانت هذه المعاصي تجري جميعا بإرادته وإذنه، وفي ملكه وسلطانه، وبما أتى عباده من حول وقوة وطول. واختلاف الإرادتين في الإذن وعدم الإذن ليس من التناقض في شئ، إذا ميزنا بشكل دقيق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، ولسنا نعلم هل كان التفكيك بين الإرادتين والتمييز بينهما معروفا في هذا التاريخ أم لا.
ويغلب على الظن أن هذا التفكيك لم يكن معروفا. وإلا لم يتوقف (غيلان الدمشقي) يومذاك عن جواب ميمون، أو ربيعة الرأي، إذا صحت الرواية.
وعلى أي، فلنتأمل في النصوص الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) في التفكيك بين هاتين الإرادتين:
روى الكليني بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: ى أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر. أمر إبليس أن يسجد لآدم، وشاء أن لا يسجد، ولو شاء لسجد. ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها، ولو لم يشأ لم يأكل ي (1).
ومنها ما روي من طريقه (رضي الله عنه) أيضا عن علي بن إبراهيم، عن المختار بن