الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٨٧
وأما إن كان المقصود منها (الإرادة التشريعية) فليس من بأس أن يعصى الله تعالى وهو يكره المعصية، فإن الناس يكثرون من معصية الله تعالى، والله تعالى يكره معصيتهم ويمقتها ويغضب عليهم من أجلها، وإن كانت هذه المعاصي تجري جميعا بإرادته وإذنه، وفي ملكه وسلطانه، وبما أتى عباده من حول وقوة وطول. واختلاف الإرادتين في الإذن وعدم الإذن ليس من التناقض في شئ، إذا ميزنا بشكل دقيق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية، ولسنا نعلم هل كان التفكيك بين الإرادتين والتمييز بينهما معروفا في هذا التاريخ أم لا.
ويغلب على الظن أن هذا التفكيك لم يكن معروفا. وإلا لم يتوقف (غيلان الدمشقي) يومذاك عن جواب ميمون، أو ربيعة الرأي، إذا صحت الرواية.
وعلى أي، فلنتأمل في النصوص الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) في التفكيك بين هاتين الإرادتين:
روى الكليني بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: ى أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر. أمر إبليس أن يسجد لآدم، وشاء أن لا يسجد، ولو شاء لسجد. ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها، ولو لم يشأ لم يأكل ي (1).
ومنها ما روي من طريقه (رضي الله عنه) أيضا عن علي بن إبراهيم، عن المختار بن

(١) أصول الكافي ١: ١١٧ / 3 باب المشيئة والإرادة - كتاب التوحيد، المكتبة الإسلامية ط 1388 ه‍.
وبمضمونه التوحيد، للصدوق: 343 / 12، ط 1398 ه‍.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99