وطبق قدرتهم، وقالوا: إنه أراد منهم الإيمان والطاعة وكره منهم الكفر والمعصية. وقالوا: على هذا يظهر أمور، الأول: فائدة التكليف بالأوامر والنواهي وفائدة الوعد والوعيد. والثاني: استحقاق الثواب والعقاب.
والثالث: تنزيه الله سبحانه عن القبائح والشرور وأنواع الكفر والمعاصي والمساوي) (1).
ويذهب الشهرستاني في (الملل والنحل) إلى إجماع المعتزلة على اعتبار العباد خالقين لأفعالهم مخترعين لها، وأن الله تعالى ليس له في أفعال العباد المكتسبة صنع ولا تقدير (2).
والمعتزلة لجأوا إلى القول بالتفويض واستقلال الانسان في أفعاله هروبا مما وقع فيه الأشاعرة من القول باستحقاق الانسان للعقاب من جانب الله تعالى دون أن يكون له دور أو سلطان فيما صدر منه من ذنب وإجرام، ومن القول بتكليف الله تعالى للانسان فيما لا قدرة له عليه، فيما كان القضاء والقدر بخلاف ذلك.
ولكي ينزهوا الله تعالى من هذا وذاك، سبحانه وتعالى عن كل ذلك، لجأوا إلى القول بالتفويض، والإيمان بأن الله تعالى قد فوض الانسان أموره ومنحه القدرة الكاملة على الاستقلال في كل أفعاله وتصرفاته...
وبذلك وقعوا فيما هو أبشع مما وقع فيه الأشاعرة، وذلك هو الشرك بالله تعالى، وفصل فعل الانسان وعمله بشكل كامل عن إرادة الله تعالى وإذنه ومشيئته وخلقه، وهو بحد الشرك إن لم يكن هو من الشرك فعلا.