وهكذا حينما ننصت إلى قوله تعالى: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ (1) نشاهد أن الله عز وجل يحذر نبيه الكريم صلى الله عليه وآله ويخبره بأن الهادي هو الله عز وجل.
وإذا استمعنا إلى مقالة الإمام علي عليه السلام الذي قال: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي، لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق (2) لعلمنا بأن تغيير باطن المنحرفين عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وتبديل أعدائه إلى شيعة له ومخالفيه إلى موافقين له يبدو من المحالات، ولعرفنا أن جميع الطرق والسبل والذرائع حتى الكتب التي ألفت خصيصا بهذا الموضوع لعاجزة عن هدايتهم.
ولكنا اعتمادا على المثل المشهور " الفضل ما شهدت به الأعداء " وانطلاقا من مبدأ " الزموهم بما التزم به الخصم " وإتماما للحجة على الخصم المخالف من شتى الجهات العقائدية والعملية، اضطررنا إلى تأليف هذا الكتاب، والذي يتضمن في ثناياه روايات وأحاديث خلفاء أهل السنة تروي لنا اعترافاتهم بأفضلية الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام واختصاصه بالفضائل والمناقب التي امتاز بها. وكلنا أمل في أن يصبح هذا الكتاب بابا مفتوحا أمام المثقفين الواعين الذين وضعوا عن أنفسهم أصر العصبية الجلفاء والتبعية العمياء لأسلافهم المقتدين بالخلفاء المختلقين، ومن ثم يتداركوا مسؤوليتهم الحقيقية ووظيفتهم المصيرية في المجالات العقائدية والعملية، ويعلموا أخيرا أن عاقبة التعصب واتخاذ موقف الحياد في العمل بالوظائف الدينية، لم تكن إلا الهزيمة والقهقراء الديني والموت الجاهلي، ومن بعده الانزلاق في نار جهنم.