وإن أريد أن المدعو والمستغاث به، له اختيار وتصرف في أمر الله، فيحكم على الله، فهذا أشد كفرا من الأول.
وإن أريد دعاؤه والاستغاثة به، للدعاء والشفاعة (أي ليدعو له أو يشفع له عند الله)، فهذا من أعظم الطاعات، وفيه محافظة على الآداب من كل الجهات.
وكون الدعاء عبادة إنما يجري في قسم منه، وهو الطلب من الخالق المدبر الذي جل شأنه عن الأشياء والنظائر، ولو جعلت كل دعاء عبادة، للزم أن يكون دعاء زيد لإصلاح بعض الأمور، أو دفع بعض المحذور، من قبيل الكفر. (1) 2 - البلاغي النجفي (1284 - 1352 ه) إن العلامة الحجة المحقق، الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي قد قام بتفسير العبادة في تفسيره الشريف المسمى ب " آلاء الرحمن في تفسير القرآن " بنفس التعريف الذي ذكرناه فقد أدى حق المقال ونقتبس منه ما يلي:
لا يزال العوام والخواص يستعملون لفظ العبادة على رسلهم ومجرى مرتكزاتهم على طرز واحد كما يفهمون ذلك المعنى بالتبادر، ويعرفون بذوقهم مجازه ووجه التجوز فيه. وإن المحور الذي يدور عليه استعمالهم وتبادرهم هو أن العبادة ما يرونه مشعرا بالخضوع لمن يتخذه الخاضع إلها ليوفيه بذلك ما يراه له من حق الامتياز بالإلهية. أو بعنوان أنه رمز أو مجسمة لمن يزعمه إلها، تعالى الله عما يشركون. ولكن الخطأ والشرك أو البهتان والزور أو الخبط في التفسير وقع هنا في مقامات ثلاثة:
الأول: الإتيان بما تتحقق به حقيقة العبادة لما ليس أهلا لذلك بل هو مخلوق لله كعبادة الأوثان مثلا.