الثانية: الإمعان في الآيات الداعية إلى عبادة الله، الناهية عن عبادة الغير إن الآيات الحاثة على عبادة الله والمحذرة عن عبادة غيره، تعلل لزوم عبادته سبحانه بالألوهية تارة والربوبية أخرى، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن العبادة من شؤون الإله والرب، وإنها كانت ضابطة مسلمة بين المخاطبين، ولم يكن فيها أي اختلاف وإنما كان الاختلاف في الموصوف بهما، فالذكر الحكيم لا يرى في صحيفة الوجود، إلها ولا ربا غيره، ويحصر العنوانين في الله سبحانه بينما يرى المشركين أصنامهم آلهة وأربابا ولذلك ذهبوا إلى عبادتها و الخضوع أمامها لأنها أرباب وآلهة عندهم ولها نصيب من العنوانين.
وعلى الجملة: إن الدعوة إلى عبادة الله أو حصرها فيه معللا بأنه سبحانه إله ورب ولا إله ولا رب غيره، يعطي اتفاق الموحد والمشرك على تلك الضابطة و أنها من شؤون من كان ربا وإلها وإنما كان الاختلاف والجدال في المصاديق، و إنه هل هناك إله أو رب غيره سبحانه، أو لا؟ فالأنبياء يؤكدون على الثاني، و المشركون على الأول، وعلى هذا لو كان هناك خضوع أمام شئ، من دون هذه العقيدة فلا يكون عبادة باتفاق الموحد والمشرك. وإليك ما استظهرناه من الآيات:
1 - قال سبحانه: * (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) * (الأعراف / 59).
وقد وردت هذه الآية في مواضع كثيرة من القرآن. (1) إن قوله سبحانه: * (ما لكم من إله غيره) * بمنزلة التعليل للأمر بحصر