السؤال الثاني ما هو المراد من العبادة في هذه الآيات؟
إذا كانت العبادة هي الخضوع أمام موجود بما أنه إله أو رب أو من بيده مصير الإنسان أو بيده أفعاله من شفاعة ومغفرة، فما هو المراد منها في الآيات التالية التي لا يصح تفسير العبادة فيها بالمعنى المذكور؟
قال سبحانه حاكيا عن الخليل عليه السلام:
* (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا) * (مريم / 44).
ومن المعلوم أن مخاطب الخليل، لم يكن يعبد الشيطان بالمعنى المذكور إذ لم يتخذه إلها وربا، وإنما كان يعبد التماثيل والأصنام بما أنها آلهة وأرباب وهذا إن دل على شئ، فإنما يدل على أنه يصح استعمالها في مورد لم يكن المخضوع له إلها ولا ربا لدى الخاضع.
وقال سبحانه:
* (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) * (يس / 60) وليس الشيطان عند الكفار والعصاة إلها ولا ربا، مع أنه وصف الانقياد له بالعبادة.
وقال سبحانه:
* (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون) * (المؤمنون / 47) ولم يكن بنو إسرائيل عبدة لفرعون وقومه بالمعنى المطلوب وإنما كانوا أذلاء بأيديهم.
الجواب أما الآية الأولى، فقد استعيرت العبادة فيها، للطاعة العمياء، للشيطان