المشيئة معه لا محالة.
ويدل لما قلنا آيات كثيرة كقوله تعالى: * (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور) * (الملك / 20) وقوله: * (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منها يصحبون) * (الأنبياء / 43) والاستفهام في الآيتين إنكاري على سبيل التوبيخ لهم على ما اعتقدوه. وحكى الله عن قوم هود قولهم له عليه السلام: * (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) * (هود / 54) وقوله لهم: * (فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم...) * (هود / 55 - 56) وكقوله تعالى موبخا لهم يوم القيامة على ما اعتقدوه لها من الاستقلال بالنفع ووجوب نفوذ مشيئتها: * (أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) * (الشعراء / 92 - 93) و قولهم وهم في النار يختصمون يخاطبون من اعتقدوا فيهم الربوبية وخصائصها:
* (تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين) * (الشعراء / 97 - 98) فانظر إلى هذه التسوية التي اعترفوا بها حيث يصدق الكذوب، ويندم المجرم حين لا ينفعه ندم. فإن التسوية المذكورة إن كانت في إثبات شئ من صفات الربوبية فهو المطلوب، ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم، لأن صفاته تعالى تجب لها الوحدانية بمعنى عدم وجود نظير لها في سواه عز وجل. وإن كانت التسوية في استحقاقها للعبادة فهو يستلزم اعتقاد الاشتراك فيما به الاستحقاق، وهو صفات الألوهية أو بعضها، وإن كانت في العبادة نفسها فهي لا تكون من العاقل إلا لمن يعتقد استحقاقه لها كرب العالمين، تعالى الله عما يشركون.
وكيف ينفى عنهم اعتقاد الربوبية ب آلهتهم وقد اتخذوها أندادا وأحبوها كحب الله كما قال تعالى فيهم: * (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله) * (البقرة / 165) والأنداد جمع " ند " وهو على ما قاله أهل التفسير واللغة: المثل المساوي، فهذا ينادي عليهم أنهم اعتقدوا فيها ضربا من المساواة