مفهوم الإله في القرآن قد تعرفت على معنى الإله في اللغة، وحان حين البحث في المقام الثاني و هو مفهومه في القرآن الكريم نقول:
إن هنا آيات تدل بوضوح على أن الإله ليس بمعنى المعبود، بل بمعنى المتصرف المدبر أو من بيده أزمة الأمور، أو ما يقرب من ذلك على وجه يميزه عن الموجودات الإمكانية. وإليك بعض هذه الآيات:
1 - * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * (الأنبياء / 22).
فإن البرهان على نفي تعدد الآلهة لا يتم إلا إذا جعلنا " الإله " في الآية بمعنى المتصرف، المدبر أو من بيده أزمة الأمور أو ما يقرب من هذين. ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدد المعبود في هذا العالم، مع عدم الفساد في النظام الكوني، وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحمة بالآلهة، ومركزا لها وكان العالم منتظما، غير فاسد.
وعندئذ يجب على من يجعل " الإله " بمعنى المعبود أن يقيده بلفظ " بالحق " أي لو كان فيهما معبودات - بالحق - لفسدتا، ولما كان المعبود بالحق مدبرا ومتصرفا لزم من تعدده فساد النظام وهذا كله تكلف لا مبرر له.
2 - * (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) * (المؤمنون / 91).
ويتم هذا البرهان أيضا إذا فسرنا الإله بما ذكرنا من أنه كلي ما يطلق عليه لفظ الجلالة. وإن شئت قلت: إنه كناية عن الخالق، أو المدبر، المتصرف، أو من يقوم بأفعاله وشؤونه. والمناسب في هذا المقام هو الخالق. ويلزم من تعدده ما رتب عليه في الآية من ذهاب كل إله بما خلق واعتلاء بعضهم على بعض.
ولو جعلناه بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لأنه لا يلزم من تعدده أي