الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٩٨
والتقدير حسب منزلته، ومؤهلاته. لذلك لا يحسن التواضع للأنانيين والمتعالين على الناس بزهوهم وصلفهم. إن التواضع - والحالة هذه - مدعاة للذل والهوان، وتشجيع على الأنانية والكبر) (1).
ولذلك - كما مر بنا - كان الحسين (عليه السلام) لا يتواضع للمتجبرين كمعاوية ويزيد، ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص والوليد بن عقبة، بل ترفع عنهم.. ولا للمستكبرين والمغرورين والمتعالين، حتى قال له أحدهم:
إن فيك كبرا، فأجابه الحسين (عليه السلام): كل الكبر لله وحده، ولا يكون في غيره، قال الله تعالى: * (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) * (2).
وتكملة الآية * (ولكن المنافقين لا يعلمون) *، فحاشاه أن يكون الإمام الحسين (سلام الله عليه) متكبرا، ولكنه العزيز الذي لا يذل.. وخير التواضع ما كان عن عزة وترفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل الناس من تواضع عن رفعة) (3)، وجاء عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: التواضع مع الرفعة، كالعفو مع المقدرة) (4).
فمع الكافرين العزة، والتواضع إنما يكون مع المؤمنين، وهكذا وصف الله تعالى من يحبه * (.. فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) * (5)، وهذه صفتان معربتان عن الاعتدال، وفي ذلك يقول المصطفى الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة) (6)، ويقول أمير

١ - أخلاق أهل البيت (ع): ٥٠.
٢ - بحار الأنوار ٤٤: ١٩٨، عن كنز الفوائد، والآية في سورة (المنافقون) / ٨.
٣ - بحار الأنوار ٧٧: ١٧٩، عن أعلام الدين.
٤ - غرر الحكم.
٥ - سورة المائدة / ٥٤.
٦ - بحار الأنوار ٧٧: ٩٠، عن مكارم الأخلاق.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست