الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٩٣
نحو السماء وقالت: إلهي! تقبل منا هذا القربان (1). واعتنقت سكينة جسد أبيها الحسين (عليه السلام) ولم يستطع أحد أن ينحيها عنه حتى اجتمع عليها عدة وجروها بالقهر (2).
ولما أدخلت بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة اجتمع أهلها للنظر إليهم فصاحت أم كلثوم: يا أهل الكوفة! أما تستحون من الله ورسوله أن تنظروا إلى حرم النبي (صلى الله عليه وآله) (3)؟.
وأشرفت عليهن امرأة من الكوفيات، ورأتهن على تلك الحال التي تشجي العدو الألد، فقالت: من أي الأسارى أنتم؟ فقلن: نحن أسارى آل محمد (4)!.
تلك كانت مروءة الحسين (صلوات الله عليه)، دعته إلى الحفاظ على الذمام، وحفظ العهود، والاستجابة إلى رسائل أهل الكوفة، والدعوة إلى الإصلاح في أمة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).. وهذه أخلاق القوم: غدر، وتنكيل، وانتقام بلا مبرر غير طمع في دنيا غير دائمة وغير مضمونة، وهتك للحرمات، وأسر لأسرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتسييرها إلى الكوفة ثم إلى الشام في تقييد بالحبال، وحالة من الجوع والعطش.
فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح أو كما قال الشاعر:
يا أمة نقضت عهود نبيها * أفمن إلى نقض العهود دعاك

١ - الكبريت الأحمر ٣: ١٣.
٢ - تظلم الزهراء (ع): ١٣٥.
٣ - الدمعة الساكبة: ٣٦٤.
٤ - مثير الأحزان / لابن نما: ٨٤، واللهوف: ٨١.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست