الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٩٦
وقد كان النبي المصطفى الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر الناس تواضعا.. يقعد في أدنى المجلس حيث يدخل، وكان يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويحمل بضاعته في السوق، ويجالس الفقراء، ويواكل المساكين (1).
عن أبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه): كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجئ الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إليه أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه.
وروي أنه (صلى الله عليه وآله) كان في سفر، فأمر بإصلاح شاة، فقال رجل: يا رسول الله! علي ذبحها، وقال آخر: علي سلخها، وقال آخر: علي طبخها. فقال (صلى الله عليه وآله): وعلي جمع الحطب. فقالوا: يا رسول الله!
نحن نكفيك. فقال: قد علمت أنكم تكفوني، ولكن أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه. وقام وجمع الحطب) (2).
والإمام الحسين (عليه السلام) كان من سماته الواضحة بين الناس التواضع، فلم يجالس الطواغيت والمتكبرين، وأصحاب القلوب الميتة و الضمائر الفاسدة، والمغرورين بدنياهم.. كان ينصح، ولكنه في الوقت ذاته كان يحب الضعفاء، والمساكين والفقراء، ويجالسهم ويواكلهم ويحادثهم.
ومما امتاز به تواضعه " سلام الله عليه ":
أولا: أنه كان خالصا مخلصا لوجه الله تعالى، لا يبتغي به إلا مرضاته " جل وعلا ". لأن هناك من يتواضع للناس يطلب بذلك المدح والسمعة، يرائي

1 - كتب السيرة النبوية تذكر ذلك على وجه التفصيل والإجمال، منها مكارم الأخلاق / للطبرسي: 16.
2 - سفينة البحار / للشيخ المحقق عباس القمي 1: 415.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست