الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٩٩
المؤمنين " علي " - عليه السلام -: طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، و تواضع من غير منقصة، وجالس أهل الفقه والرحمة، وخالط أهل الذل و المسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية) (1).
والآن، تعالوا نتأمل في هذه الرواية، لنرى هل ترك الإمام الحسين (عليه السلام) شيئا بعد " طوبى "؟
* روى الشيخ نصر بن محمد السمرقندي الحنفي في (تنبيه الغافلين) (2) عن سفيان بن مسعر قال: بلغني عن الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنهما) أنه مر بمساكين وهم يأكلون كسرا لهم على كساء، فقالوا: يا أبا عبد الله! الغداء. فنزل وقال " عليه السلام ": إنه لا يحب الله المستكبرين. فأكل معهم، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني. فانطلقوا معه، فلما أتوا المنزل قال لجاريته: أخرجي ما كنت تدخرين).
ورواها أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي في مقتل الحسين " عليه السلام " (3) بهذه الصورة: كان (أي الحسين بن علي) يجالس المساكين ويقرأ: إن الله لا يحب المتكبرين (4). ومر على صبيان معهم كسرة فسألوه أن يأكل معهم فأكل، ثم حملهم إلى منزله فأطعمهم وكساهم..).
فلم يشتغل (سلام الله عليه) - حاشاه - بنقصهم بل عيوبهم، وتواضع لهم من غير منقصة بل عن رفعة، وجالسهم وهم أهل الرحمة، وخالطهم وهم أهل الفقر والمسكنة، وأنفق عليهم من مال جمعه فوضعه في طاعة الله " سبحانه "،

١ - بحار الأنوار ٧٥: ١١٩، عن تفسير علي بن إبراهيم.
2 - ج 1 ص 66 - طبعة القاهرة. والحنفي تعني حنفي المذهب، وكذا المالكي والشافعي إذا وردت ألقابا لعلماء ذلك المذهب.
3 - ج 1 ص 155 - مطبعة الغري.
4 - هذا نصه (عليه السلام) على ما هو النقل، وإلا فالآية: " إنه لا يحب المستكبرين " في سورة النحل / 23.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست