الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٧٠
الانسان فحسب، بل تعدته إلى البهائم..
فعند مبارزته اشتد به العطش، فحمل نحو الفرات على عمرو بن الحجاج فكشف جنده - وكانوا أربعة آلاف، كشفهم عن الماء، وأقحم الفرس الماء ليشرب (1).
وأكثر من ذلك ما رواه الطبري، حيث ذكر في تاريخه (2)، فبعد أن: طلع عليهم الحر الرياحي مع ألف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلى المدينة أينما وجده، أو يقدم به الكوفة، فوقف الحر وأصحابه مقابل الحسين في حر الظهيرة (3).
قال الطبري: فلما رأى سيد الشهداء ما بالقوم من العطش (أي الحر وأصحابه) أمر أصحابه أن يسقوهم ويرشفوا الخيل، فسقوهم وخيولهم عن آخرهم، ثم أخذوا يملأون القصاع والطساس، ويدنونها من الفرس، فإذا عب فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت، وسقي آخر.. حتى سقوا الخيل كلها.
وكان علي بن الطعان المحاربي مع الحر، فجاء آخرهم وقد أضر به العطش، فقال الحسين عليه السلام: أنخ الراوية، وهي الجمل بلغة الحجاز، فلم يفهم مراده، فقال عليه السلام: أنخ الجمل. ولما أراد أن يشرب جعل الماء يسيل من السقاء، فقال له الإمام الحسين عليه السلام: أخنث السقاء، فلم يدر (علي بن الطعان) ما يصنع لشدة العطش، فقام عليه السلام بنفسه وعطف السقاء حتى ارتوى وسقى فرسه (4).
وهذه هي الرحمة الحسينية العجيبة، فبيده الشريفة يسقي البهائم الظامئة،

1 - مقتل العوالم: 98. ونفس المهموم: 188.
2 - 6: 226.
3 - مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي 1: 230.
4 - مقتل الحسين عليه السلام، للسيد المقرم: 182.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 275 276 ... » »»
الفهرست