الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٦٣
الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر (يزيد بن معاوية) خذله الله وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب (1).
وهذا أثبته الإقدام الحسيني المبارك، والشجاعة الحسينية الباصرة، الداعية على هدى إلى الجهاد في سبيل الله، والقيام لله، وإحياء الدين وإماتة البدع وقطع أيدي الظلمة، ودفع الظالم عن حوزة الدين ومجتمع المسلمين، وإنقاذ عباد الله عن الضلالة والحيرة.. وقد بذل سلام الله عليه من أجل ذلك الخيرة من أصحابه، والخلص من أهل بيته، وفلذات كبده، وكل عزيز عليه، ثم نفسه القدسية الطاهرة.
وهذه في الحقيقة.. هي الشجاعة الفذة الفريدة، التي تقع موضع الرضوان الإلهي، والقبول الرباني.. إذ جمعت إلى العلم والمعرفة، الهمة والإقدام، وصلاح النية وبصيرة الهدف، والجهاد في سبيل الله، ولله.
3 - الدعوة الحقة: لا نستطيع أن نسمي الهجوم المباغت على المخالف المخاصم شجاعة، ولا نستطيع أن نسمي المقابلة الفضة الغليظة الجافة للناس شجاعة، كذلك لا نستطيع أن نسمي تعبئة الأنصار بلا بيان، ودعوة الناس إلى القتال بلا حجة.. شجاعة.
إنما الشجاعة الكاملة ما جمعت إلى الوعي التوعية، وإلى الشهادة بالحق إشهاد الملأ عليه، وإلى بلوغ ساحة الحرب إبلاغ الأمة بواقعها وتكاليفها.
والشجاعة الحقيقية ما اتصفت بالكلمة الموقظة المنبهة المرشدة، المبينة للتكليف الشرعي، والرافعة للهمم والعزائم إلى مستوى الجهاد في سبيل الله

1 - تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا 1: 367، في سورة المائدة: 37، و 12: 183 و 185.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست