الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٦٦
الضمائر والذمم، وجر الناس إليه بالترغيب والترهيب، وجند لذلك وعاظ السلاطين، والمحدثين الوضاعين، والدنانير الثقيلة التي يسيل لها لعاب كل طماع حباب للدنيا ضعيف التقوى متخلخل الإيمان مستعار الشخصية.
وليس أدل على ذلك من إرسال معاوية إلى " مالك بن الهبيرة السكوني " ألف درهم حين بلغه استياؤه من قتل معاوية للصحابي الجليل (حجر بن عدي) وأصحابه رضوان الله عليهم، فما كان من السكوني إلا أن أخذ ثمن ضميره، وتخلى عن عزمه على التحرك بوجه الظلم والفساد (1).
وأرسل معاوية أموالا إلى بعض قواد جيش الإمام الحسن عليه السلام..
فما أسرع أن ركبوا الليل سرجا للفرار، وتبعهم إلى ذلك آلاف من الجند. ودس معاوية إلى عمرو بن حريث، والأشعث بن قيس، وإلى حجر بن الحجر، وشبث بن ربعي، دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه أنك إذا قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي، فبلغ الحسن عليه السلام ذلك فاستلام (2) ولبس درعا وكفرها (3)، وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة بهم إلا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يلبث فيه لما عليه من اللامة، فلما صار في مظلم " ساباط " ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر، فأمر عليه السلام أن يعدل به إلى بطن " جريحي " (4).
لقد ظهرت على الناس بوادر الميل الدنيوي الحاد، بشكل شره

1 - يراجع في ذلك كتب السيرة، وكذا شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
2 - أي: لبس لامته.
3 - أي: غطاها وسترها.
4 - علل الشرائع: 220 و 221.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست