الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٦٧
ومفضوح.. فتسابق أصحاب التيار النفعي ليستحوذوا على الإمارات، أو يحصلوا على دريهمات السلطان بعد طول وقوف ذليل على بابه. ولم يعد هناك مجتمع مستعد لرفض الباطل أو التصريح بالحق، فضلا عن مواجهة الطغاة..
استأذن زهير بن مظاهر الأسدي رضوان الله عليه الإمام الحسين عليه السلام ليدعو عشيرته بني أسد للالتحاق، فأذن له، فكانت نتيجة مفاتحته أن غادرت عشيرته المنطقة بأجمعها، وانسحبت انسحابا جماعيا في تلك الليلة ذاتها (1).
في حين جند عبيد الله بن زياد الآلاف من أهل الكوفة ليضعهم في خط بني أمية، ويقتل بهم الحسين عليه السلام وأنصاره.
وقصة (مسلم بن عقيل) عليه السلام معروفة مشهورة، وهي تحكي عن روح الهزيمة.. وقد كان مع مسلم أربعة آلاف رجل أخذوا يطوفون قصر الإمارة، وابن زياد في قصره ليس معه إلا عدد قليل من الشرطة لا يتجاوزون الثلاثين، فهرب أنصار مسلم جميعا بالدعاية، فأسرع ابن زياد في قتل مسلم، وهانئ بن عروة بعد أن خذلته عشيرته ولم تنقذه من السجن، واقتنعت بالمكيدة القائلة: إن هانئ حي لم يقتل.
ومن هنا نعرف مدى حاجة الناس إلى التوعية العقلية والروحية، قبل التقدم إلى ساحة المعركة، وقد كان للإمام الحسين سلام الله عليه في كل موقع تذكير ودعوة، وتنبيه وإيقاظ، وتعريف وبيان وتبيين، وتفصيل.. وإذا تطلب الأمر خلاف ذلك سمعناه سلام الله عليه يوخز الضمائر، ويهتف بالهمم، ويثير العزائم، أو يؤنب الجبناء، ويوبخ المنحرفين، ويعاتب المقصرين، ويلوم

1 - إبصار العين، في أنصار الحسين عليه السلام، للشيخ المرحوم مهدي السماوي: 67.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست