الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٧٤
عليهم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.. ولئلا يقول أحد:
يا رب! لولا أقمت لنا علما هاديا، فنتبع أوامرك من قبل أن نذل ونخزى.. فقد عقب الله تعالى برسله أوصياء مستحفظين، حجة منه بالغة على العباد، * (فلله الحجة البالغة...) * (1) وقد جاء عن الإمام المهدي سلام الله عليه في دعاء الندبة، قوله:
وكل (أي من الأنبياء عليهم السلام) شرعت له شريعة، ونهجت له منهاجا، وتخيرت له أوصياء [أوصياءه] مستحفظا بعد مستحفظ، من مدة إلى مدة.. إقامة لدينك، وحجة على عبادك، ولئلا يزول الحق عن مقره، ويغلب الباطل على أهله، ولئلا يقول أحد: لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا، وأقمت لنا علما هاديا، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى... (2).
ثم كان لا بد من الإقدام، إذ لا بد من الدم حيث الدين في خطر، والأمة في سبات، فرأى الحسين عليه السلام أن يذهب إلى كربلاء.. نصره الناس أم خذلوه، أسلموه أم قتلوه. ولكن رأى أيضا أن يدلي لهم بالنصيحة، ويقيم عليهم الحجة بل الحجج، ويذكرهم ويحذرهم مما هم مقبلون عليه من سخط الله وعظيم غضبه، بقتلهم وصي المصطفى وريحانته، والثلة المؤمنة من أهل بيته وأنصاره.
لما بلغ عمر بن سعد توجه الحسين إلى العراق لحقه وأشار عليه بالطاعة والانقياد، فقال له الحسين: يا عبد الله! أما علمت أن من هوان الدنيا على الله

١ - الأنعام: ١٤٩.
٢ - يراجع كتب الأدعية، ومنها: جمال الأسبوع، للسيد ابن طاووس. ومصباح الزائر. وتحفة الزائر، للعلامة المجلسي.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست