الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٥٩
الظاهر (أي معاوية بن يزيد بن معاوية) أنه لما ولي صعد المنبر فقال: إن هذه الخلافة حبل الله، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه علي بن أبي طالب عليه السلام، وركب بكم ما تعلمون، حتى أتته منيته فصار في قبره رهينا بذنوبه، ثم قلد أبي الأمر وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فقصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهينا بذنوبه. ثم بكى وقال: من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأباح الخمر، وخرب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلد مرارتها، فشأنكم أمركم. والله لئن كانت الدنيا خيرا فقد نلنا منها حظا، ولئن كانت شرا فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها. قال ابن حجر: ثم تغيب في منزله حتى مات بعد أربعين يوما كما مر، عن إحدى وعشرين سنة، وقيل عشرين، فرحمه الله أنصف من أبيه، وعرف الأمر لأهله).
وقيل إنه قتل كما قتل معلمه لاتهامه بتعليمه الزهد بالدنيا وهنا بعد هذه الرحلة التاريخية الطويلة، نقول: إن الأخلاق: الشرعية، والسياسية، والاجتماعية والإنسانية، كلها تستدعي لأن ينهض الحسين سلام الله عليه ليصرخ صرخته التاريخية المدوية في وجه الظلم الذي استفحل فهدد الدين بالتحريف، وهدد المسلمين بالقتل المعنوي، فناموا على قبول الضيم، وانزووا خانعين، وماتت الغيرة والهمة والشهامة والمروءة والكرامة فيهم، حتى أقروا على حكم يزيد، ولم تسمع منهم كلمة حق في وجه سلطان جائر، ولم ير منهم سيف يسلط في وجه أمير ظالم، فغضوا الأبصار عن جرائم بني أمية، وأصموا الأسماع عما شاع من يزيد وزمرته من الانتهاكات، وهتك الحرمات.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست