الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٦٤
تبارك وتعالى.
والشجاعة الحقة ما كانت جهادا باللسان والقلم، فإن تعذر الإصلاح إلا بالسيف فبه.. قال أمير المؤمنين عليه السلام: ردوا الحجر من حيث جاء، فإن الشر لا يدفعه إلا الشر (1). فكنى عليه السلام بالحجر عن الشر، وبرده من حيث جاء: عن مقابلة الشر بمثله، وهو مخصوص بشر لا يندفع إلا بالشر (2).
فالكلمة المرشدة، الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر.. تدفع الكثير من الشر، وتترك الناس على المحجة البيضاء والحجة البالغة، وتسقط عن الجاهل والغافل، والمتجاهل والمتغافل، وعن كل مدع كل عذر. وهي من الشجاعة، إذ يتحلى المؤمن بالروح الانسانية الداعية إلى الخير والإصلاح باللسان، ويتحلى بالدليل الواضح والبرهان القاطع الذي يدعوه إلى الإقدام، ويرد على كل شبهة وتردد وتشكيك.
فالكلمة أولا، لأن الهدف ليس انتقاما، ولا قصدا للقتل مجرد القتل، ولا نشرا للرعب وفتكا حاقدا بالمخالفين والضعفاء والأبرياء.. إنما القصد إحقاق الحق، وإبطال الباطل، فلا بد من الحجة المقنعة. وهكذا بدأ نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وآله دعوته المباركة، فبلغ الناس الحق، ودعا إلى الخير، ونشر الحكمة، وخاطب الملأ بالحكمة والموعظة الحسنة.. حتى إذا رأى سيوف الشرك والكفر والجاهلية تشهر في وجه الاسلام سل سيف الدفاع وقطع رؤوس الفتنة، وهدد قلاع الأحزاب وفرقهم عن قصدهم الشيطاني.

1 - نهج البلاغة: الحكمة 314.
2 - اختيار مصباح السالكين، لكمال الدين ابن ميثم البحراني: 651 - تحقيق الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست