فجعل (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح الدموع عن وجه فاطمة (عليها السلام) (1).
ثم وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على قبرها ورفع يديه تلقاء السماء ودمعت عيناه (2).
ورغم الموقف النبوي ببكائه (صلى الله عليه وآله) فقد خالف عمر ذلك.
إذ أخرج النسائي وابن ماجة عن أبي هريرة: مات ميت في آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فاجتمع النساء يبكين عليها فقام عمر ينهاهن ويطردهن ويضربهن بسوطه، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سوطه وقال: دعهن يبكين يا عمر (3) فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب (4).
أقول: لقد خاف عمر يومها انفجار الوضع على عثمان ومقتله فعمل ما ذكرناه!
ولقد عرف عمر بن الخطاب بمنعه البكاء على الميت. ومن خلال قراءتي للسيرة النبوية وكتب الحديث وجدت بأنه صاحب نظرية خاصة تتمثل في منع البكاء على المقتولين بيد رجال الحزب القرشي وإجازته للبكاء على غير هؤلاء!
فقد منع عمر البكاء على رقية لأن قاتلها عثمان بن عفان، والبكاء عليها يسبب حركة اجتماعية سياسية دينية تهدد عثمان وأصحابه.
ثم منع فاطمة من البكاء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد مقتله لأنه قتل بيد زعامة الحزب القرشي (5). فبني لها علي (عليه السلام) بيتا لذلك الغرض سمي بيت الأحزان.
ولما قتل أبو بكر بيد الحزب القرشي منع عمر البكاء والنوح عليه فأدخل الرجال بيت عائشة وضرب أم فروة بنت أبي قحافة فأعمى عينها وأصبحت عوراء (6).
لأن ذلك المجلس الجماهيري في البكاء والنوح والرثاء للميت قد يسبب انتفاضة