والسلام قالت الزهراء لزوجها أبي الحسن: دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال أبو السبطين: نعم. قالت فاطمة: كيف طابت قلوبكم أن تحثوا التراب عليه؟
كان نبي الرحمة.
فقال أبو تراب - كان علي يحب أن يكنى بهذه الاسم الذي كناه به النبي عليه الصلاة والسلام: نعم ولكن لا راد من أمر الله.
ووقفت فاطمة على قبر أبيها وقالت:
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما نعيت وحالت دونك الكثب ولم تحزن امرأة على موت أبيها كما حزنت الزهراء على موت والدها صلى الله عليه وسلم، حتى ضرب بها المثل في الحزن، وعدوها من البكائين الخمسة الذين مثلوا الحزن والأسى في عالم الوجود، فقد دخل عليها زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض النسوة، فسألن فاطمة عن حالها ويعزينها بمصابها، فقالت بقلب مكلوم:
(أجدني كارهة لدنياكن، مسرورة بفراقكن، ألقى الله ورسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق، ولا رعيت مني الذمة، ولا قبلت الوصية، ولا عرفت الحرمة).
لقد أضناها الحزن، وكسا الشحوب وجهها، وملأت اللوعة صدرها، وراحت الزهراء تذوب، ومكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ما رئيت ضاحكة بعده أبدا.
ولقيت عائشة بنت أبي بكر الزهراء فقالت لها: أسألك بما لي من الحق استخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث؟ فقالت فاطمة: أما الآن فنعم إنه أسر إلي أن جبريل عليه السلام كان يعارضني - يأتي إلي بمثل ما يأتي -