شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٥ - الصفحة ٣٦٠
على حياتنا - وقالت الزهراء: قد طحنت حتى مجلت يداي وقد أتى الله بسبي وسعة فأخدمنا.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: والله لا أعطيكما وادع أهل البيعة - الصفة تطوي بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم واحفظ عليهم إيمانهم.
فرجع علي وفاطمة إلى دارهما، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لحق بهما وقال لهما: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قال علي بن أبي طالب: بلى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشران، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين، وتحمدان ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين.
ويقول علي بن أبي طالب: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الفاضل المعاصر محمود شلبي في (حياة فاطمة عليها السلام) ص 120 ط دار الجيل بيروت:
قصة الزواج الشريف في سطور قال صاحب كتاب (حياة أمير المؤمنين) كان أبو بكر أول من عرض إلى خطبة الزهراء عليها السلام، فرده الصادق الأمين ردا جميلا قائلا: يا أبا بكر لم ينزل القضاء بعد.
وقد سمع بالأمر عمر، فتقدم إلى النبي الكريم بما تقدم إليه رفيقه وصاحبه فأعاد عليه الجواب نفسه.
وعندئذ ذهب أبو بكر وأبو حفص إلى عبد الرحمن بن عوف يطلبان منه الخطبة وقالا له: أنت أكثر قريش مالا، فلو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبت فاطمة زادك الله مالا إلى مالك وشرفا إلى شرفك.
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله زوجني فاطمة. فأعرض عنه رسول الله، فأتاهما فقال: قد نزل بي مثل الذي نزل بكما...
فتوجها إلى علي وقالا له: قد عرفنا قرابتك من رسول الله وقدمك في الاسلام فلو أتيت رسول الله فخطبت إليه فاطمة لزادك الله فضلا إلى فضلك وشرفا إلى شرفك.
وقال غيرهما من أصحاب الرسول - كما روى ذلك أنس بن مالك - لعلي:
لو خطبت إلى النبي لخليق أن يزوجكها.
ويحدثنا ابن عباس فيقول: كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر فلا يذكرها أحد لرسول الله إلا أعرض عنه، فقال سعد بن معاذ الأنصاري لعلي عليه السلام: إني والله ما أرى رسول الله يريد بها غيرك. تقدم الوصي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجلس بين يديه وقد أحجم فلا يستطيع الكلام.
فسأله الرسول حاجته فسكت، وليس من عادته السكوت ولا الإحجام.
فعرف صلى الله عليه وسلم أنه جاء يخطب الزهراء، وإنه قد منعه عن التكلم الحياء فأعاد صلى الله عليه وسلم السؤال، فقال: ما حاجة علي؟ قال: يا رسول الله ذكرت فاطمة بنت رسول الله. فقال: مرحبا وأهلا. وخرج سلام الله عليه على أولئك الرهط من الأنصار وكانوا ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ فأخبرهم الخبر فقالوا: يكفيك من رسول الله أحدهما أعطاك الرحب وأعطاك الأهل.
وقد فهم الناس من جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أن الوحي قد نزل وإن الله اختار عليا زوجا للزهراء، وباتوا جميعا ينتظرون إعلان الرسول لهذا الأمر.
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النخبة الممتازة من أصحابه من مهاجرين وأنصار، فلما التام الجمع قال صلى الله عليه وآله:
(الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه، إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة نسبا لاحقا وأمرا مفترضا، أوشج به الأرحام وألزم الأنام، فقال عز من قائل (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) فأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قضاء قدر ولكل قدر أجل، ولكل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب، فاشهدوا أني زوجته على أربعمائة مثقال فضة، إن رضي بذلك علي بن أبي طالب).
ثم دعا بطبق من بسر فوضعت بين أيدينا ثم قال: انتبهوا فانتبهنا... هكذا يحدث أنس بن مالك... ويقول أيضا: فبينا نحن ننتهب إذ دخل علي رضي الله عنه على النبي، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، ثم قال: إن الله قد أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت بذلك. فقال: قد رضيت بذلك يا رسول الله. فقال الرسول: جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا...
وقد كان جماعة من المهاجرين خطبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما زوجها عليا قالوا في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا زوجته ولكن الله زوجه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس، وقد سأله: أتحب عليا؟ (يا عم والله لله أشد حبا له مني، إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا...
وقال الفاضل المعاصر الشريف علي فكري بن الدكتور محمد عبد الله الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا سنة 1372 في كتابه (أحسن القصص) ج 5 ص 52 ط دار الكتب العلمية في بيروت:
3 - السيد فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة النساء.
نسبها... السيد فاطمة الزهراء رضي الله عنها من أشرف نساء قريش نسبا، وأطهرهن حسبا، وأنقاهن سيرة، وأشدهن غيرة على الاسلام.
مولدها - ولدت فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم من أمنا السيد خديجة الكبرى رضي الله عنها قبل ما تبنى الكعبة بخمس سنين، والنبي صلوات الله عليه ابن خمس وثلاثين سنة، أي قبل هجرته المباركة بسبعة عشر عاما وكانت أصغر بناته وأحبهن إليه.
كانت سيدة النساء فاطمة مباركة ذات خلق حسن، وخلق أحسن، تربت تربية عالية في دار النبوة، فنشأت نشأة صالحة، وأنبتها الله نباتا حسنا، (أصلها ثابت وفرعها في السماء) فكانت خير النساء، وسميت فاطمة لأن الله فطمها وحفظها من النار.
زواجها - تزوجت السيد فاطمة الزهراء من الإمام علي (ابن عم النبي) كرم الله وجهه في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة النبوية المباركة، وبنى