فقالت: والله ما استطعت أن أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من هيبته! فانطلقنا معا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد جاءت بكما حاجة؟ فقال علي:
أجل يا رسول الله، شكوت إلى فاطمة مما أمد بالغرب، وشكت إلي يديها معا تطحن بالرحا، فأتيناك لتخدمنا خادما مما أتاك من السبي. فقال: لا ورب الكعبة ولكن أبيعهم وأنفق أثمانهم على أهل الصفة الذين تنطوي أكبادهم من الجوع فلا أجد ما أطعمهم به!
قال: فلما رجعا وأخذا مضجعهما من الليل أتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما في خميل لهما - والخميل القطيفة البيضاء من الصوف - وكان النبي صلى الله عليه وسلم جهزها بها وبوسادة محشوة اذخر وقربة وقد كان علي وفاطمة حين ردهما وجدا عليه في أنفسهما وشق عليهما، فلما سمعا حس النبي صلى الله عليه وسلم ذهبا ليقوما، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: مكانكما حتى جلس على طرف الخميل، ثم قال: إنكما جئتماني أخدمكما خادما، وإني سأخبركم بما هو خير لكما من الخادم: تسبحان في دبر كل صلاه ثلاثا وثلاثين، تحمدانه ثلاثا وثلاثين، وتكبرانه أربعا وثلاثين، إذا أخذتما مضجعكما من الليل فذلك مائة.
قال علي: فما أعلم أني تركتها بعد! فقال له عبد الله بن الكوا: ولا ليلة صفين؟
فقال له علي: قاتلكم الله يا أهل العراق، ولا ليلة صفين!
ومنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد المدنيان في القسم الثاني من (جامع الأحاديث) (ج 4 ص 614 ط دمشق) قالا:
عن هبيرة عن علي رضي الله عنه قال: قلت لفاطمة رضي الله عنها: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم تسأليه خادما! فإنه قد جهدك الطحن والعمل. قالت:
انطلق معي، فانطلقت معها فسألناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكما