بني فلان فيعمد إلى فرثها ودمها فيجئ به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه.
فقام عقبة بن أبي معيط - وكان أشقى القوم - وجاء بذلك الفرث فألقاه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. فضحك سادات قريش وجعلوا يميلون بعضهم على بعض من شدة الضحك، وخشي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوا الفرث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانسل صهيب الرومي إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام وأخبر فاطمة بذلك، وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا حتى أقبلت فاطمة فطرحت الفرث عن أبيها، ثم أقبلت على أشراف قريش تشتمهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي وقال:
اللهم اشدد وطأتك - عقابك الشديد - على مضر سنين كسني يوسف، اللهم عليك بابي الحكم - عمرو بن هشام - وعتبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط وأمية ابن خلف وشيبة بن ربيعة.
فلما سمع سادات قريش صوت النبي عليه الصلاة والسلام ذهب منهم الضحك وهابوا دعوته - قتل عمرو بن هشام وعتبة وعقبة وأمية وشيبة يوم بدر.
وذات ضحى كانت فاطمة في طريقها إلى البيت فسمعت سادات قريش وكبراءهم في الحجر يذكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما صبرنا لأمر كصبرنا لأمر هذا الرجل قط، إذا مر محمد ليضربه كل واحد منا ضربة. فانطلقت فاطمة إلى أبيها وقالت له وهي تبكي: تركت الملأ من قريش قد تعاقدوا في الحجر فحلفوا باللات والعزى ومناة واساف ونائلة إذا هم رأوك يقومون إليك فيضربوك بأسيافهم فيقتلوك.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: يا بنية لا تبكي.
وسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ غارقة في عبراتها، فقال لها: يا بنية اسكتي. ثم خرج النبي عليه الصلاة والسلام فدخل المسجد على