المذهب لا يستعمل الوسائل العلمية:
عرفنا، من التحليلات السابقة للمذهب والعلم، أن مهمة المذهب، التعبير عن مقتضيات العدالة، بينما يكون على العلم مهمة اكتشاف الأحداث الاقتصادية، كما تقع، بأسبابها وروابطها.
وهذا الاختلاف في المهمة الأساسية بينهما، يفرض اختلافهما في وسائل البحث، حتما. بمعنى أن علم الإقتصاد، بوصفه علما، يكتشف ما يقع في الكون والمجتمع، مما يتصل بالحياة الاقتصادية يستعمل الوسائل العلمية، من الملاحظة أو التجربة وتتبع الأحداث التي تزخر بها الحياة الاقتصادية، لكي يستنبط على ضوء ذلك، روابطها وقوانينها العامة. ومتى كانت قضية من القضايا موضعا للشك، ولم يعلم مدى صدقها وتصويرها للواقع، أمكن للعالم الاقتصادي، أن يرجع إلى المقاييس العلمية وملاحظاته المنظمة، للاحداث المتعاقبة، لكي يكتشف مدى صحة تلك القضية وصدقها في تصوير الواقع.
ان العالم الاقتصادي، كالعالم الطبيعي، من هذه الناحية (1) فالعالم الطبيعي، إذا أراد أن يكتشف درجة الغليان في الماء أمكنه أن يقيس حرارة الماء قياسا علميا، بوصفها ظاهرة طبيعية، ويلاحظ درجة الحرارة، التي تبدأ عندها الغليان.
والعالم الاقتصادي، إذا أراد ان يكشف دورية الأزمات الاقتصادية، المشهورة، التي تنتاب المجتمع الرأسمالي، بين حين وآخر، فعليه أن يرجع إلى أحداث الحياة الاقتصادية، كما تسلسلت ووقعت، ليحدد الفاصل التاريخي، بين