الإسلام حجر الزاوية في عملية إقامة المجتمع الحر السعيد. فما لم يملك الإنسان ارادته، ويسيطر على موقفه الداخلي ويحتفظ لإنسانيته المهذبة بالكلمة العليا في تقرير سلوكه لا يستطيع أن يحرر نفسه في المجال الاجتماعي تحريرا حقيقيا يصمد في وجه الاغراء، ولا أن يخوض معركة التحرير الخارجي بجدارة وبسالة، ﴿ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ (١)، ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا﴾ (٢).
الحرية في المجال الاجتماعي:
كما يخوض الإسلام معركة التحرير الداخلي للإنسانية، كذلك يخوض معركة أخرى لتحرير الإنسان في النطاق الاجتماعي فهو يحطم في المحتوى الداخلي للإنسان أصنام الشهوة التي تسلبه حريته الإنسانية، ويحطم في نطاق العلاقات المتبادلة بين الأفراد الأصنام الاجتماعية، ويحرر الإنسان من عبوديتها، ويقضي على عبادة الإنسان للإنسان، ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله﴾ (3).
فعبودية الإنسان لله تجعل الناس كلهم يقفون على صعيد واحد بين يدي المعبود الخالق، فلا توجد أمة لها الحق في استعمار أمة أخرى واستعبادها ولا فئة من المجتمع يباح لها اغتصاب فئة أخرى ولا انتهاك حريتها، ولا انسان يحق له