والمذهب الاقتصادي، يعالج السؤال الأول، ويجيب عليه ويستلهم جوابه من القيم والمثل التي يؤمن بها، وتصوراته عن العدالة، كما استلهم الأب جوابه على السؤال الأول، من قيمه ومثله.
وعلم الاقتصاد يعالج السؤال الثاني، ويجيب عليه، ويستلهم جوابه من الملاحظة والتجربة. فكما كان الأب يجيب على السؤال الثاني، على أساس ملاحظته لسلوك ابنه، وتجربته له، كذلك علم الاقتصاد، يشرح حركة الاحداث في الحياة الاقتصادية، على ضوء الملاحظة والخبرة.
وهكذا نعرف، ان علم الإقتصاد، يمارس عملية الاكتشاف لما يقع في الحياة الاقتصادية من ظواهر اجتماعية وطبيعية، ويتحدث عن أسبابها وروابطها، والمذهب الاقتصادي يقيم الحياة الاقتصادية ويحدد كيف ينبغي أن تكون، وفقا لتصوراته عن العدالة وما هي الطريقة العادلة في تنظيمها؟.
العلم يكتشف، والمذهب يقيم.
العلم يتحدث عما هو كائن، وأسباب تكونه. والمذهب يتحدث عما ينبغي أن يكون، وما لا ينبغي ان يكون.
ولنبدأ بالأمثلة، للتمييز بين وظيفة العلم، ومهمة المذهب بين الاكتشاف والتقييم.
المثال الأول:
ولنأخذ هذا المثال: من ارتباط الثمن في السوق، بكمية الطلب فكلنا نعلم من حياتنا الاعتيادية، أن السلعة إذا كثر عليها الطلب، وازدادت الرغبة في شرائها لدى الجمهور، ارتفع ثمنها. فكتاب نؤلفه في الرياضيات، قد يباع بربع دينار، فإذا قررت المعارف تدريسه، وأدى ذلك إلى كثرة الطلب