في الرزق والثروة، أو اعطاء كل فرد الحرية في ممارسة مختلف ألوان النشاط الاقتصادي، وتحديد نصيبه من الرزق، وفقا لطريقة ممارسته للحرية، أو أسلوب ثالث بين هذا وذاك.
إذا أردنا أن نعرف، ما هو طريق العدالة، من هذه الأساليب فلا يمكننا ان نقيس، ونستعمل وسائل البحث العلمي. لان العدالة، ليست ظاهرة طبيعية، كالحرارة والغليان، لكي نحس بها، ببصرنا أو لمسنا أو سائر حواسنا، وليست ظاهرة اجتماعية كالأزمات الاقتصادية، في المجتمع الرأسمالي، لتقاس وتلاحظ وتجرب.
ان العلم، يمكنه ان يقيس الناس أنفسهم، فيعرض مدى تساويهم أو اختلافهم، في صفاتهم الجسدية والنفسية. ولكنه لا يستطيع، ان يقيس حقهم في الرزق، ليعرف ما إذا كان من العدل أن يتساووا في الرزق، أو لا. لأن العدالة والحق ليس من الصفات الموضوعية، الخاضعة للقياس العلمي والحس كصفات الجسد وظواهر الحياة.
خذ إليك رأسماليا، يؤمن بأن الناس سواسية في حق الحرية وان اختلفت أرزاقهم، واشتراكيا، يؤمن بأن الناس سواسية في حق الرزق، وأسأل هما: هل يوجد مقياس زئبقي، للعدالة كالمقياس الزئبقي للحرارة، لكي أعرف درجة العدالة، في مجتمع تتساوى أرزاق أفراده، ومجتمع تتساوى حريات أفراده وان اختلفت أرزاقهم؟ وهل ان الحق الذي يتمتع به أفراد المجتمع، ظاهرة من الظواهر، التي يمكن الاحساس بها، كما نحس بألوانهم وطول قامتهم، ومدى نباهتهم، ونوع أصواتهم لكي ندرس الحق، بأساليب البحث العلمي، القائمة على أساس الحس والتجربة.
ان الجواب على كل هذا، بالنفي طبعا. فليس للعدالة مقياس زئبقي، لأنها ليست من الظواهر، التي يمكن ادراكها بالحس والمشاهدة. وليس حق الناس في