سائر الاحداث الأخرى، وما تمخضت عنه من نتائج، وتطورات، في مختلف الميادين. وهو بوصفه علما، يقتصر على اكتشاف تلك الأسباب، والروابط، والنتائج، بالوسائل العلمية. ولا يقيم تلك الاحداث من الناحية الخلقية.
فعلم التاريخ، لا يحكم في نطاقة العلمي، بأن اغتيال قيصر أو قتل عثمان، كان عملا صحيحا، خلقيا، أو منحرفا عن المقاييس التي تحتم القيم العليا، اتباعها في السلوك. وليس من شأنه، أن يقيم الحملات الصليبية، أو غزو البرابرة الجرمان للرومان، ويحكم بأنها حملات عادلة أو ظالمة. وانما يرتبط تقييم تلك الاحداث، جميعا، بالبحوث الأخلاقية. فعلى ضوء ما تتبنى من مقاييس للعمل، في البحث الأخلاقي، نحكم بأن هذا عدل أو ظلم، وان هذه استقامة أو انحراف.
فكما ان علم التاريخ يصف السلوك والحادثة، كما وقعت ويأتي البحث الخلقي، بمقاييسه العامة، فيقيمها. كذلك علم الاقتصاد، يصف احداث الحياة الاقتصادية، والمذهب يقيم تلك الأحداث، ويحدد الطريقة، التي ينبغي تنظيم الحياة الاقتصادية على أساسها، وفقا لتصوراته العامة عن العدالة.
علم الاقتصاد كسائر العلوم:
وما قلناه، في تحديد وظيفة علم الاقتصاد، وانها مقتصرة على الاكتشاف، دون التقدير والتقييم. لا يخص علم الاقتصاد فحسب. فان الوظيفة الأساسية، لجميع العلوم، هي الاكتشاف خاصة. ولا فرق بين العالم الاقتصادي، وعلماء الفيزياء والذرة والفلك والنفس، سوى انه يمارس وظيفته في الحقل الاقتصادي من حياة الإنسان، وأولئك يمارسون نفس الوظيفة، وهي اكتشاف الحقائق، وروابطها وقوانينها، في حقول أخرى متنوعة طبيعية أو بشرية.
فالعالم في الفيزياء الاعتيادية، يدرس مثلا السرعات المختلفة للنور