قال الامام: " ان من حق من عظم جلال الله في نفسه، وجل موضعه من قلبه ان يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه " هذا هو شأن العارفين المخلصين أصحاب الهمم والطموح، وشأن الأحرار الذين يملكون أنفسهم، ولا يملكهم شئ، ويتطلعون دائما إلى رحمة الله ومرضاته.
ثالثا - ان أهل الصدق والايمان يسلكون في جميع أقوالهم وافعالهم طريق الحذر والاحتياط، فإذا تحدثوا عن أنفسهم انتقدوها، واتهموها بالتواني والكس، بل كثيرا ما يبلغ بهم الامر إلى توبيخها وتأنيبها، ولا شئ أثقل عليهم من المدح والاطراء، وقد جاء في الحديث: " احثوا في وجوه المداحين التراب " ومدح أمير المؤمنين قوم في وجهه، فقال: " اللهم انك اعلم بي من نفسي، وانا اعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيرا ممن يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون ".
اما الذين يزكون أنفسهم، ويبرأونها من كل عيب فإنهم لا يشعرون بواقعهم، ولا يعرفون شيئا من داخلهم، وهم الذين عناهم الله سبحانه بقوله: قل هل أنبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ".
قال أحد علماء النفس في تعريف الانسان: " انه الحيوان الوحيد الذي يستطيع ان يكذب ". والأولى ان يقال في تعريفه:
انه الحيوان الوحيد الذي تكذب عليه نفسه فيصدقها، تقول له:
انك صادق امين، وشجاع كريم، وعالم عظيم، فيقول: اجل انا كذلك وفوق ذلك، وصدق من قال: " ان في أعماق كل