وحقيقة الانسان والغاية من وجوده، وهذه الحقائق على ما هي عليه في علم الله تعرف بالقلب لا بالعقل، لأمور:
1 - ان أقرب الحقائق إلى الانسان نفسه التي بين جنبيه، وهو عاجز عن ادراكها، فكيف يقدر على معرفة الحقائق البعيدة عنه، وعن الطبيعة بكاملها؟!
2 - ان نظر العقل يتبع استعداد الناظر، ويختلف باختلاف ظروفه وملابساته، ومن هنا قيل: ان الانسان عين ما يأكل ويشرب ويلبس، وينظر ويلمس، وبديهة ان لكل انسان ضروفا تباين ظروف سواه، ومتى تناقضت الآراء وتضاربت استحال الاعتماد عليها جميعا، كما أنه لا يجوز الاخذ بأحدها دون الآخر، لأنه ترجيح بلا مرجح، ولأن احتمال البطلان عارض على الجميع.
3 - ان الناظر كثيرا ما يعتقد بصحة شئ، ويبقى على ذلك أمدا مديدا، ثم يتبين له الفساد، فيتبدل رأيه واعتقاده، مع العلم بأن السبب الثاني الذي دعاه للعدول ليس بأقوى من الأول، ولا أقل من الشك، فالاثنان اذن لا يؤخذ بهما (1).
ومن هذه الأدلة، وما إليها يتبين معنا انه لا يمكن الاتكال على شئ من نظر العقل، فيتعين الرجوع إلى القلب.