الحس الصائب:
ولكن الحس الصائب لا يحصل للقلب الا بعد رحلة طويلة وخطيرة، وهي ان يجاهد الانسان نفسه، ويروضها على التوجه إلى الله وحده، والالتجاء اليه في جميع الأمور، والابتعاد بها عن النقائص والرذائل، حتى تحصل لها طهارة اللسان بالتعبير عن الصدق والعدل، وطهارة الفرج عما حرم الله، وطهارة اليد عن العدوان، وطهارة العين عن النظر بريبة وسوء نية، وطهارة السمع عن الكذب والغيبة، وطهارة العقل عن الجهل والتقليد، وطهارة القلب عن الحسد والحقد، وطهارة الخيال عن الأماني والأفكار السوداء، ومتى تم للانسان هذه الفضائل القى الله النور في قلبه، وأصبح صادقا في حدسه، كأنه الوحي لا يقبل الشك والريب.
نحن والتصوف:
لا أريد ان أفاضل بين القلب والعقل، كوسيلتين للمعرفة والكشف عن الحقيقة، فان هذه المفاضلة أشكل وأخطر القضايا الفلسفية على الاطلاق، وانما أريد التعبير عما شعرت به، وانا ابحث وانقب في كتب التصوف، وأتأمل وأفكر في كلمات المتصوفة، فلقد كنت قبلا أسخر من التصوف، وممن يراه شيئا مذكورا، وبعد ان تفهمته على حقيقة آمنت بأنه يستأهل العناية، وان اهتمام الأولين والآخرين به لم يكن عبثا، وان من يسيطر على نفسه، ويسير بها في سبيل النبل والرفعة، ويتقي الله حق