ومغفرته، ويعتمدون على قوله سبحانه: " انه الله لا يغفر ان يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ".
وبديهة أن الغفران لا يأتي جزافا، بل لا بد له من سبب تقتضيه الحكمة الإلهية، والا لم يكن للتكليف وتشريع القوانين من فائدة، وكان الطائع والعاصي، والمحسن والمسئ، سواء في نفي المسؤولية وعدم العقاب، وكلنا يعلم أن سبب الغفران هو التوبة والإنابة، والرجوع إلى طاعة الله مع الندم والعزم على عدم العودة إلى العصيان، أما من أصر على الذنوب، وبخاصة الكبائر منها فأمره صعب عسير.
ثانيا انهم مؤمنون، ولكن ايمانا ضعيفا لا يقوى على مقاومة العاطفة والمغريات، فإذا اصطدم معها كان مغلوبا لا غالبا، فكما ان ضعيف الجسم يتغلب عليه من هو أشد وأقوى كذلك ضعيف الايمان تصرعه الأهواء والشهوات.
ومهما يكن، فان الايمان لا يتجزأ، فإذا صلى الانسان وصام، وهلل وكبر بدافع الدين، فينبغي له أيضا ان يمتنع عن الكذب والرياء والدس والخيانة، وما إلى ذلك من المحرمات والموبقات، يمتنع عنها بهذا الدافع، والا كان ايمانه تصورا وتخيلا، أشبه بأريحية البخيل واهتزازه حين يستمع إلى حديث الشجاعة. ان المؤمن حقا هو الذي يعمل، وكأنه في يوم الحساب ينظر إلى الخلائق، وهم امام الله سبحانه يجازي كلا بأعماله، تماما كما قال الحسين: " اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك " وكما قال أبوه أمير المؤمنين: " اعبد الله كأنك تراه،