والمصاب ما دام لله فيه رضى، فالحكمة والصلاح والخير هو ما يختاره الله، وإن كان فيه ذهاب النفس والأهل والمال، فان حصل شئ من هذا في سبيل الله، أو حصلت مجتمعة لم تضطرب النفس، ويتزعزع الايمان، لأنها هي المطلب والهدف.
هذا مبلغ أهل البيت من الدين واليقين بالله، وهذه منزلتهم من العلم به سبحانه، والتوجه اليه بالفعل قبل القول، وهذا هو التجرد عن الدنيا وغاياتها، والغناء في جنب الله عز وجل، والانجذاب اليه، وهذا هو التجلي والاشراق والنور والكشف، وبلوغ الكمال، وماذا بقي لأهل التصوف بعد قول الحسين:
" ماذا وجد من فقدك؟! وما الذي فقد من وجدك! ".
وقال: " الهي ان اختلاف تدبيرك، وسرعة طواء مقاديرك منعا عبادك العارفين بك من السكون إلى عطاء، واليأس منك في بلاء ".
ليس للعارفين وأهل اليقين أطوار وحالات، ولا شخصيات تتحول وتتبدل تبعا للظروف والملابسات، فايمانهم بالله أقوى من أن تزعزه الحوادث، وثقتهم به في السراء تماما كثقتهم في الضراء، لا يبطرون عند الصحة والغنى، ولا يبأسون عند المرض والفقر، لأن الحالين في طريق الزوال. قيل لبعض الحكماء: ما لنا لا نراك فرحا ولا حزينا؟. فقال: لان الغائب لا يتلاقى بالعبرة، والآتي لا يستدام بالحيرة. وقال عز من قائل: " وان يمسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء - 17 الانعام ". وما