القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٠٩
مضافا إلى صراحة الآيات في هذه التبرئة، فأية قيمة لذلك القول المنبوذ والذي لم يتمسك به إلا الحشويون ومن تأثر بالإسرائيليات التي هي مجموعة افتراءات على مقام النبوات، وانظر بعد أن ما يقوله ابن حزم في فصله:
وأما قوله تعالى: (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) [الأحزاب / 37] فقد أنفنا من ذلك إذ لم يكن فيه معصية أصلا ولا خلاف فيما أمره الله تعالى به، وأن ما كان أراده زواج مباح له فعله ومباح له تكره ومباح له طيه ومباح له إظهاره، وإنما خشي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك خوف أن يقولوا قولا ويظنوا ظنا فيهلكوا كما قال (عليه السلام) للأنصاريين: إنها صفية فاستعظما ذلك، فأخبرهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه إنما أخشى أن يلقي الشيطان في قلوبهما شيئا وهو الذي خشيه (عليه السلام) على الناس من هلاك أديانهم بظن يظنونه به (عليه السلام) هو الذي يحققه هؤلاء المخذولون المخالفون لنا في هذا الباب من نسبتهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تعمد المعاصي، فهلكت أديانهم وضلوا ونعوذ به من الخذلان، وكان مراد الله عز وجل أن يبدي ما في نفسه كما كان سلف في علمه من السعادة لأمنا زينب رضي الله عنها.
وانظر إلى ما يقوله الشريف المرتضى في كتابه تنزيه الأنبياء: " فإن قيل:
فما تأويل قوله تعالى: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه) [الأحزاب / 37] الآية وليس هذا عتابا له (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث أضمر ما كان ينبغي أن يظهره وراقب من لا يجب أن يراقبه، فما الوجه في ذلك؟
قلناه: وجه هذه الآية معروف، وهو أن الله تعالى لما أراد نسخ ما كانت عليه الجاهلية من تحريم نكاح زوجة الدعي والدعي، هو الذي كان أحدهم يجتبيه ويربيه ويضيفه إلى نفسه على طريق النبوة، وكان من عادتهم أن يحرموا على أنفسهم نكاح أزواج أدعيائهم كما يحرمون نكاح أزواج أبنائهم، فأوحى الله تعالى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن زيد بن حارثة وهو دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيأتيه مطلقا زوجته، وأمره أن يتزوجها بعد فراق زيد لها ليكون ذلك ناسخا لسنة الجاهلية التي تقدم ذكرها، فلما حضر زيد مخاصما زوجته عازما على طلاقها أشفق
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست