القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٠٤
(1) إن الذي حجره العلماء بل نص القرآن الصريح من التفسير والاستنباط، هو ما كان من غير أهله ممن لا حريجة لهم في الدين ولم يؤتوا قوة الاستنباط، واتبعوا الهوى المحض والرأي المجرد فيما لا مجالي فيه للرأي وأما من كانوا أهله وخاصته وخالصته فقد نص القرآن على الرجوع إليهم.
ومن منع العلماء الراسخين من تأويل ظواهر الكتاب إذا كان في العمل بالظاهر ما يخالف ما أقره العقل والشرع من وجوب تنزيه الإله تعالى وتقدس عن صفات المخلوقين وتنزيه الأنبياء عن كل ما ينافي عصمتهم المقررة.
(2) إن الذين ذهبوا إلى عصمة الأنبياء (عليهم السلام) وهم معظم المسلمين (دع الحشويين) عن الكبائر والصغائر عمدا أو سهوا قبل النبوة وبعدها، فلا مناص لهم عن تأويل كل آية ظاهر ها تخطئتهم ونسبة المعصية لهم، وهذا البحث من المباحث الكلامية تكفلت به كتب الكلام فلا نطيل به الكلام.
(3) أما تفسير هذه الآية والأقوال التي قيلت فيها فهي كثيرة، وإليك ما جاء في الكشاف... فإن قيل: كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة؟ قلت: لم يجعل علة للمغفرة، ولكن الاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة وهي المغفرة، وإتمام النعمة، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز، كأنه قيل: يسرنا لك فتح مكة، ونصرناك على عدوك لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والأجل، ثم قال في تفسير ما تقدم من ذنبك وما تأخر: يريد جميع ما فرط فيك، وعن مقاتل ما تقدم في الجاهلية وما بعدها، وقيل: ما تقدم من حديث مارية وما تأخر من أمر زيد. وأما الفخر الرازي فقد ذكر وجوها، منها الوجه الذي ذكرناه عن الكشاف، ومنها هو أن فتح مكة كان سببا لتطهر بيت الله تعالى من رجس الأوثان، وتطهير بيته سببا لتطهير عبده، ومنها هو أن بالفتح يحصل الحج ثلم بالحج تحصل المغفرة، ومنها المراد منه التعريف تقديره إنا فتحنا لك ليعرف أنك مغفور معصوم، فإن الناس كانوا علموا بعد عدم الفيل أن مكة لا يأخذها عدو الله المسخوط عليه، وإنما يدخلها ويأخذها حبيب الله المغفور له.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست