5 - وجواب السؤال الخامس عن الأقوال في تأويل (ولقد همت به وهم بها) [يوسف / 24].
إن الجواب يبنى على أحد القولين: قول من يجوز على الأنبياء ارتكاب الكبائر والصغائر من الذنوب، كالحشوية وأضرابهم ممن تلقى ذلك عن الإسرائيليات، وقول من لا يجوز ذلك وهو المختار والذي ذهب إليه معظم أئمة المسلمين، فكان لا بد لهم من تأويل هذه الآية على ما ينطبق على المقرر من عصمة الأنبياء بدليل العقل والشرع على أن الآيات الواردة في سورة يوسف تكاد تكون نصا على براءة يوسف (عليه السلام) من الهم بالذنب بل ومن حظوره في نفسه الشريفة.
وإليك طائفة من أقوال العلماء في معنى هذه الآية وتأويلها:
الأول: قال ابن حزم من الفصل: وأما قوله: (همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) فليس كما ظن من لم يمعن حتى قال من المتأخرين من قال:
إنه قعد منها مقعد الرجل من المرأة، ومعاذ الله من هذا أن يظن برجل من صالحي المسلمين أو مستوريهم فكيف برسول الله (عليه السلام)، فإن قيل إن هذا قد روي عن ابن عباس (رض) من طريق جيدة الإسناد. قلنا نعم ولا حجة في قول أحد إلا فيما صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، والوهم في تلك الرواية إنما هو بلا شك عمن دون ابن عباس أو لعل ابن عباس لم يقطع بذلك، إذ إنما أخذه عمن لا يدري من هو ولا شك في أنه شئ سمعه فذكره، لأنه (رض) لم يحضر ذلك ولا ذكره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومحال أن يقطع ابن عباس عما لا علم له به، لكن معنى الآية لا يعدو أحد وجهين: إما أنه هم بالايقاع بها وضربها كما قال:
وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه، وكما يقول القائل: لقد هممت بك، لكنه (عليه السلام) امتنع من ذلك ببرهان أراه الله إياه استغنى به عن ضربها وعلم أن الفرار أجدي عليه وأظهر لبراءته على ما ظهر بعد ذلك من حكم الشاهد بأمر قد من القميص.
والوجه الثاني: إن الكلام تم عند قوله: (ولقد همت به) ثم ابتدأ تعالى خبرا آخر فقال: (وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) وهذا ظاهر الآية بلا تكلف