القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١١٠
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن يمسك عن وعظه وتذكيره، لا سيما وقد كان يتصرف على أمره وتدبيره فرجف المنافقون به (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا تزوج المرأة ويقرفونه بما قد نزهه الله تعالى عنه، فقال له: أمسك عليك زوجك تبرئا مما ذكرناه وتنزها، وأخفي في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقه لها لينتهي إلى أمر الله تعالى فيها، ويشهد بصحة هذا التأويل قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) [الأحزاب / 37] فدل على أن العلة في أمره بنكاحها ما ذكرناه، من نسخ السنة المتقدمة. ثم قال بعد كلام طويل نمسك عن نقله: فإن قيل: فما المانع مما وردت به الرواية من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى في بعض الأحوال زينب ابنة جحش فهواها، فلما أن حضر زيد لطلاقها أخفي في نفسه عزمه على نكاحها بعده وهواه لها؟ أوليس الشهوة عندكم التي قد تكون عشقا على بعض الوجوه من فعل الله تعالى، وأن العباد لا يقدرون عليها؟ وعلى هذا المذهب لا يمكنكم إنكار ما تضمنه السؤال، قلنا: لم ننكر ما وردت به هذه الرواية الخبيثة من جهة أن الشهوة تتعلق بفعل العباد وأنها معصية قبيحة، بل من جهة أن عشق الأنبياء (عليهم السلام) لمن ليس يحل لهم من النساء منفر عنهم وحاط من رتبتهم ومنزلتهم، وهذا مما لا شبهة فيه، وليس كل شئ يجب أن يجتنبه الأنبياء (عليهم السلام) مقصورا على أفعالهم، ألا ترى أن الله تعالى قد جنبهم الفظاظة والغلظة والعجلة وكل ذلك ليس من فعلهم، وأوجبنا أيضا أن يجنبوا الأمراض المنفرة والخلق المشينة كالجذام والبرص وتفاوت الصور واضطرابها، وكل ذلك ليس من مقدورهم ولا فعلهم، وكيف يذهب على عاقل إن عشق الرجل زوجة غيره منفر عنه معدود في جملة معائبه ومثالبه، ونحن نعلم أنه لو عرف بهذه الحال بعض الأمناء أو الشهود لكان ذلك قادحا في عدالته وحاطا من منزلته، وما يؤثر في منزلة أحدنا أولى أن يؤثر في منازل من طهره الله وعصمه وأكمله وأعلى منزلته وهذا بين لمن تدبره " (1).

(١) تنزيه الأنبياء، م. س، ص 155.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست