القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١١٢
قولهم، فقال: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) باستعمال السحر والتمويه على الناس. ثم قال: (يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين وأراد أنهم يعلمونهم السحر والذي أنزل على الملكين) [البقرة / 102] وما أنزل على الملكين، وصف السحر وماهيته وكيفية الاحتيال فيه ليعرفا ذلك ويعرفاه للناس فيجتنبوه ويحذروا منه، كما أنه تعالى قد أعلمنا ضروب المعاصي ووصف لنا أعمال القبائح لنجتنبها، لا لنواقعها لأن الشياطين كانوا إذا علموا ذلك وعرفوه استعملوه وأقدموا على فعله، وإن كان غيرهم من المؤمنين لما عرفه اجتنبه وحاذره وانتفع باطلاعه على كيفيته، ثم قال: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة يعني الملكين، ومعنى يعلمان يعلمان والعرب تستعمل لفظة علمه بمعنى أعلمه، والذي يدل أن المراد ههنا الإعلام لا التعليم قوله: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) أي أنهما لا يعرفانه صفات السحر وكيفيته إلا بعد أن يقولا إنما نحن محنة، لأن الفتنة بمعنى المحنة، وإنما كان محنة بحيث ألقيا إلى المكلفين أمرا لينزجروا عنه وليمتنعوا من مواقعته، وهم إذا عرفوه أمكن أن يستعملوه ويرتكبوه، فقالا لمن يطلعانه على ذلك: لا تكفر باستعماله ولا تعدل عن الفرض في إلقاء هذا إليك، فإنه إنما ألفي إليك واطلعت عليه لتجتنبه لا لتفعله. ثم قال:
(فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) أي فيعرفون من جهتهما ما يستعملونه في هذا الباب وإن كان الملكان ما ألقياه إليهم لذلك، ولهذا قال:
(ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) لأنهم لما قصدوا بتعلمه أن يفعلوه ويرتكبوه لا أن يجتنبوه صار ذلك لسوء اختيارهم ضررا عليهم.
وثانيها: أن يكون ما أنزل موضعه موضع جر فيكون معطوفا بالواو على ملك سليمان، والمعنى واتبعوا ما كذب به الشياطين على ملك سليمان وعلى ما أنزل على الملكين أي معهما وعلى ألسنتهما إلى كلام طويل في هذا الوجه.
وثالث الوجوه أن تحمل ما في قوله: وما أنزل على الجحد والنفي فكأنه تعالى قال: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان) ولا أنزل الله السحر على الملكين (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست