القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٩٩
التفسير وما هو إلا غيض من فيض؟ وهل من الاحتياط ترك ذلك وصرف ظواهر الآيات الكريمة إلى معان غير جارية على أساليب اللغة العربية والقرآن لم يتخط تلك الأساليب ولا تجاوزها؟ وهل كان ما ابتدعه المسيح الهندي من تفسيره أجدر بالاتباع وأحرى بأن ينصاع إليه المسلمون ويدعوا كل ما تلقوه من سلفهم الصالح؟ وهل بتفسره هذا وبدعواه النبوة يقوى على رفع الاختلاف بين المسلمين ويوحد فرقهم والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الذي لا ينطق عن الهوي، وهو المؤيد بالوحي والتنزيل وجبرائيل لم يتم له رفع الاختلاف بعده وأنذر بوقوعه وبما سيكثر عليه من الحديث، بل وفي عهده ولكنه ترك للإسلام هوى ومنارا كمنار الطريق يفنيهم عن نبي جديد يهديهم السبيل ويرشدهم إلى ما لم يبين من المراشد والمناهج، وإذا شئت الوقوف على طريقة الأحمدية في التفسير فارجع إلى مقال ضاف كتبه الأستاذ الكاتب أديب التقي البغدادي الدمشقي في ثلاثة أجزاء من مجلة العرفان في مجلدها الحادي عشر، تلقى ما كتبه في مذهبهم عن أحد دعاتهم، وهو مقال مفيد ألم به إلماما وافيا بكل ما يتعلق بدعوتهم وعقيدتهم وآرائهم في التفسير التي خالفوا فيها أئمة التفسير، واعملوا أذهانهم في صرف ظواهر الكتاب إلى ما هو أشبه بالرموز، واشتطوا اشتطاطا بعيدا شاركوا به المتصوفة، حتى خرجوا عن حكمة الله تعالى في إنزاله كتابه بلسان العرب، لإفهامهم مراداته من آية التي لم تنزل إلا على ما يفهمونه وما كلفهم به من أنواع التكاليف من العقائد والأحكام والقصص وما فيها من العبر، ونسوا أم تناسوا قوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) [يوسف: 2] وقوله جل شأنه: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) [إبراهيم: 4] وهل ما فسروا به مما بينه الرسول ولو ساغ فتح الباب لمثل ما فسروا به ما اشتهوا من آي الكتاب، مما لم يؤده الخطاب ويدل عليه اللفظ بإحدى الدلالات، لساغ ذلك للغلاة أن يتأولوا ما تأولوا ويفسروا ما فسروا من ألفاظ الصلاة والزكاة والصوم والحج وسائر أنواع التكاليف، برموز ابتدعوها ومعان قصدوها، ترمي كلها إلى الخروج من عهدة التكليف ومن أحكام ظاهرة إلى أحكام باطنة، وما إلى ذلك من الفساد العظيم وترويج مذاهب الغلاة، وإعادة فتنتها سيرتها
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست