القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٢١٠
الدليل الثاني:
استدل على نبوته بصدقه في الإخبار عن المغيبات وأنها من طريق الوحي، كأخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدقه في أخباره، وأنه قد تحدى الناس بآية من كتابه (تذكرة الشهادتين) وملخصها أنه لم يعرف في مدة حياته بالكذب وأنه لازم التقوى منذ نعومة أظفاره.
والجواب: أما عن صدقه في الإخبار عن المغيبات وأنها من طريق الوحي، فعلى فرض التسليم بهذا الادعاء فإنا لا نسلم أنه من طريق الوحي أي وحي النبوة وأنه من أدلة نبوته، فإنا نقرأ ونسمع عن فريق من الناس تنبأوا عن وقوع أمور بصحة حدسهم ولطف حسهم فوقعت كما تنبأوا، ونبوتهم هذه لم تكن عن وحي نبوة ولا كان من صحت نبوتهم ممن ادعى النبوة قط، وإنما كان يكون ذلك من مقاييس استنتجها كل واحد منهم مما في دائرة اختصاصه، كإخبار رجال الحرب بوقوع حرب بين دولة وأخرى، وإخبار رجال السياسة بنهوض أمته وسقوط أمة، وتكهن علماء الاختراع بإمكان وقوع اختراعات يعدها الجاهلون ضروبا من المستحيلات، وكلها لا تخرج عن الأسباب الطبيعة والسنن الكونية.
وقد أخبر الصحابة رضوان الله عليهم بأمور وقعت كما أخبروا، وقد يكون إخبارهم متلقى عن وحي صاحب الوحي، ولعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) من ذلك الشئ الكثير، وللصوفية أنباء عن المغيبات، وإيراد الشواهد على وقوع ذلك مما يطول به الكلام، وما من أحد من هؤلاء المنبئين بالغيب ممن ادعى وحيا أو نبوة.
ثم إن دعوى علم الغيب في عصر كاد يكون السلطان فيه للمادة على الروح، والعلم والمعرفة على الفلسفة العقلية، وساور النفوس الشك في كل ما وراء المادة، واضطر المتألهون والمصدقون النبوات إلى تأويل معجزاتها التي نصت على وقوعها الكتب السماوية بما ينطبق على العلم ويقربها إلى الأذهان وحملها على رموز وكنايات، ومنهم المسيح الهندي الذي يفسر كثيرا من آي القرآن المجيد بغير ما فسرها به المفسرون لهذه الغاية.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست