هذا إلى كلام يطول بنقله الكلام. وفي كنز الفوائد لتلميذ المرتضى أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي بحث طويل في ذكر المعمرين وإمكان إطالة العمر ووقوعه، وذكر المعمرين من الأنبياء ومنهم من نص عليه الذكر الحكيم، ونقصر من ذلك البحث كله على هذه الجملة " والعمر هو اتصال كون الحي المحدود حيا، فهذا الاتصال إنما يكون بدوام الحياة والحياة فعل الله تعالى فليس يستحيل منه إدامتها، وكلما جاز أن يفعله الله تعالى من طول العمر فإنه يجوز أن يفعله مثله في دوام الصحة والقوة وعدم الضعف والهرم ".
وحكماء هذا العصر بعد تسليمهم بإمكان إطالة العمر يبحثون في أسباب وقوعه وموانعه، فهل بعد ذلك من المستحيل أو المستبعد على من بيده أسباب الموت والحياة أن يلهم عبدا من عباده لمصلحة تخفى علينا معرفة أسباب إطالتها؟
الوجه الثاني: إن إطالة الحياة خارجة عن العادة مما وقع، وحسبنا على ذلك دليلا ما ورد في القرآن الكريم من إطالة حياة نوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ومن بقاء الخضر حيا كما استفاض بذلك الخبر، ومن تعمير إبليس إلى يوم البعث والنشور، ومن إجماع الإمامية وطائفة من علماء السنة على ولادة المهدي واستمرار حياته، وقول آخرين من السنة والشيعة بحياة المسيح. أما حكمة بقاء المسيح حيا واستمرار حياة المهدي فإنا نكل أمرها إلى الله تعالى، وهي مما خفي علينا من أنباء الغيب، على أن ما نراه مخالف للعادة حسب مبلغنا من العلم وهو القليل في جنب ما هو مجهول لنا من المعلومات غير المتناهية، والتي هي من متناول العقول التي يمكن أن تصل إليها إذا اتجهت شطرها همات أنظارها وعزائم قواها أن يرينا العلم والعلماء (وفوق كل ذي علم عليم) ما كان مخالفا للعادة جاريا مجرى العادة.
أما استدلال صاحب التوضيح على موت المسيح وإنكار المهدي بفتوى شيخ جامع الأزهر، فليست هذه الفتوى مما تغير اعتقاد من يعتقد عكسها ولهذا الاعتقاد دليله، وما كانت الأمور الاعتقادية التي تختلف فيها أنظار المعتقدين وأولتهم مما يزيل اعتقاد من يعتقد غير اعتقادهم المبني على دليله هذا أولا،