القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٢١٣
وكتاب جديد، وعن معجزة الإخبار عن المغيبات التي تحط في هذا العصر عصر النور والعلم والحقائق من منزلة مدعي العلم بها، كما أنها لا تقع من نفوس الباحثين العارفين موقع الدليل على نبوته أو ما يصلح أن يكون دليلا عليها.
ووجه آخر في مسألة الإخبار عن المغيبات ذكره ابن خلدون في مقدمته ولا نتحمل عهدته، قال: ثم نجد في النوع الإنساني أشخاصا يخبرون بالكائنات قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميز بها صنفهم عن سائر الناس، ولا يرجعون في ذلك إلى صناعة، ولا يستدلون عليه بأثر من النجوم ولا من غيرها، إنما تجد مداركهم في ذلك بمقتضى فطرتهم التي فطروا عليها، وذلك مثل العرافين والناظرين في الأجسام الشفافة كالمرايا وطساس الماء، إلى أن قال: وهذه كلها موجودة في عالم الإنسان، لا يسع أحدا جحدها ولا إنكارها، وكذلك المجانين يلقى على ألسنتهم كلمات من الغيب فيخبرون بها، وكذلك النائم والميت لأول موته أو نومه يتكلم بالغيب، وكذلك أهل الرياضيات من المتصوفة لهم مدارك في الغيب على سبيل الكرامة معروفة.
ووجه آخر وهو أنه إذا صح ما يعزو أصحاب المسيح الهندي إليه من معجزة الإخبار عن المغيبات وجله مما وقع بزعمهم في الهند، فكيف انحصر العلم به فيهم، وأن وقوع مثل ذلك لمن الحوادث التي لا يعقل أن يختص بعلمها فريق دون آخر، والعصر عصر إنكار للمعجزات وللعلم بالمغيبات وهو مظهر من مظاهرها فكان على نبي الهند وقد قدم بين يدي دعواه النبوة معجزة الإخبار عن المغيبات، أن يمهد لهم أسباب الاطلاع عليها ليؤمنوا برسالته إن كانوا مما يرونها سببا للاعتراف بها وأن النبوة لا تستخلف عنها، ولو حصل ذلك لانتشر في الشرق والغرب، خبره ووسائل الانتشار لا تحصى وترصد الحوادث والأخبار حتى للتوافه دع جلائلها ملء الشرق والغرب فكيف تذاع في الخافقين كهانة متكهن قد تقع أو لا تقع، وتطوي أخبار المسيح الهندي عن المغيبات عن سكان الهند وهم مئات الملايين، بل وعن من يبلغ خبرهم مبلغ التواتر من الهنديين، وعن سواهم ممن يتتبعون سير الحوادث دقيقها وجليلها وغرائب الأنباء وتنحصر في القاديانيين.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست