القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١١٧
والفلكية التي يمكن الله البشر من الوقوف عليها بالبحث والنظر والتجربة وهداهم إلى ذلك بالفطرة والوحي معا، ولذلك نقول: لو فرضنا أن المسائل التاريخية والطبيعية المذكورة في الكتاب ليست مطابقة إلا لما يرى ويعتقد الناس كلهم أو بعضهم في زمن التنزيل لما كان ذلك طعنا فيه، لأن هذه المسائل لم تقصد بذاتها بل المراد منها توجيه النفوس بطريق الاستفادة بما أشرنا إليه.
3 - إن البحث في آيات الله كيف وجدت وهل كانت كلها بمحض قدرة الله تعالى التي قامت بها السماوات والأرض، أم كانت لها سنن روحانية خفية عن الجمهور خص الله تعالى بها أنبياءه كما خصهم بالوحي الذي هو علم خفي عن الجمهور، فكل ذلك مما لا يفيد البحث فيه بل ربما كان ضارا (1).
4 - إن الآية الشريفة تدل دلالة صريحة على أخفاء موت سليمان، وأن الذي دلهم على موته بعد حين دابة الأرض تأكل منسأته، وأن هذا الاخفاء مقصود لحكمة وهي إتمام بناء المسجد والإعلام بأن الجن لا يعلمون الغيب، ولو علموه ما لبثوا في عملهم الشاق الذي عبر عنه بالعذاب المهين، وأما تعيين مدة موته وكم كانت فالروايات مختلفة في تقديرها، ولو قيل بأنها كانت عاما وهو أقصى ما قدره بعض الرواة فهل يمتنع ذلك في قدرته تعالى ويكون وقوعه معجزة لسليمان (عليه السلام) تضم إلى معجزاته الكثيرة من النملة والهدهد وتسخير الجن والطير والريح له وما إلى ذلك مما هو أعظم من معجزة إخفاء موته، وأما كيف دبر أمر ملكه والطواف على نسائه مما اتخذه صاحب التوضيح سخرية، فإنا نكل الجواب عليه إلى ما نطق به التنزيل.
5 - إن النظر واجب في الأصول التي تثبت بها معرفة الله تعالى وصحة النبوة، ومتى اعتقدنا بقدرة الله وإرادته وعلمه وكونه أوحى إلى بعض عبيدة وألهمهم إرشاد الناس إلى ما يسعدهم في حياتهم الأخرى فإنه يسهل علينا أن

(1) ملخص هذا وما قبله من (م 7، ج 5، ص 181 عن المنار الاسلامي).
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست