القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٢١
الجواب: قلنا في معنى هذه الآية أجوبة:
أولها: أنه أراد وجدك ضالا عن النبوة فهداك إليها أو عن شريعة الإسلام التي نزلت عليه وأمر بتبليغها إلى الخلق، وبإرشاده (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما ذكرناه أعظم النعم عليه، والكلام في الآية خارج مخرج الامتنان والتذكير بالنعم، وليس لأحد أن يقول: إن الظاهر بخلاف ذلك لأنه لا بد في الظاهر من تقدير محذوف يتعلق به الضلال، لأن الضلال هو الذهاب والانصراف، فلا بد من أمر يكون منصرفا عنه، فمن ذهب إلى أنه أراد الذهاب عن الدين فلا بد له من أن يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق بها، لفظ الضلال وليس هو بذلك أولى منا فيما قدرناه وحذفناه.
وثانيها: أن يكون أراد الضلال عن المعيشة وطريق التكسب، يقال للرجل الذي لا يهتدي طريق معيشته ووجه مكتسبه: هو ضال لا يدري ما يصنع ولا أين يذهب، فامتن الله تعالى عليه بأنه رزقه وأغناه وكفاه.
وثالثها: أن يكون أراد وجدك ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة فهداك وسلمك من أعدائك، وهذا الوجه قريب لولا أن السورة مكية وهي مقدمة للهجرة إلى المدينة، اللهم إلا أن يحمل قوله تعالى وجدك على أنه سيجدك على مذهب العرب في حمل الماضي على معنى المستقبل، فيكون له وجه.
ورابعها: أن يكون أراد بقوله ووجدك ضالا فهدى أي مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك، وهذا له نظير في الاستعمال، يقال: فلان ضال في قومه وبين أهله إذا كان مضلولا عنه.
وخامسها: أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع (ألم يجدك يتيم فآوي ووجدك ضال فهدى) على أن اليتيم وجده وكذلك الضال، وهذا الوجه ضعيف لأن القراءة غير معروفة ولأن هذا الكلام يسمج ويفسد أكثر معانيه " (1).
وبعد فلا يتسع المقام للزيادة عن هذا القدر وفيه كفاية عن الإسهاب.

(١) تنزيه الأنبياء، الشريف المرتضى، مؤسسة الأعلمي، ص 150.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست