ومعه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة، فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ولا أدري أيهما أجمل غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما، وأكثر القوم وذلك من بكرة إلى أن حضرت الصلاة وعثمان في داره لا يعلم بشئ مما هم فيه وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ساكت لا ينطق ولا أحد من أهل بيته فقالوا له: يا أبا الحسن ما لك لا تتكلم، فقال (عليه السلام) ما في الحيين أحد إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا.
ثم قال علي (عليه السلام): يا معشر قريش والأنصار ممن أعطاكم الله عز وجل هذا الفضل فبعشايركم وأهل بيوتاتكم أم بغيركم؟ فقالوا: أعطانا الله ومن علينا برسوله (صلى الله عليه وآله) إذا أدركنا ذلك وقبلناه لأنفسنا (1) وعشائرنا وأهل بيوتاتنا، قال: صدقتم، ثم قال: يا معشر قريش أتقرون أن الذي نلتم به خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دونكم جميعا وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا وأخي علي بن أبي طالب لطينة [واحدة] إلى آدم (عليه السلام)؟ فقال أهل بدر وأهل أحد وأهل السابقة وأهل القدمة: نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وفي رواية أخرى: إني وأهل بيتي كنا نورا نسعى بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق الله آدم (عليه السلام) بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله آدم (عليه السلام) وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض ثم حمله في السفينة في صلب نوح ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم (عليهم السلام)، ثم لم يزل ينقلنا الله في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة من الآباء والأمهات لم يلتق واحد منهم على سفاح قط؟
قالوا جميعا: سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال: يا معشر قريش والأنصار أتقرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين كل رجلين من أصحابه وآخى بيني وبينه فقال: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أتقرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشترى موضع المسجد ومنازله فابتناه ثم بنى فيه عشرة منازل تسعة له وجعل لي عاشرها في وسطها وسد كل باب شارع إلى المسجد غير بابي، فتكلم في ذلك من تكلم فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه ولكن الله أمرني أن أسد أبوابكم وأفتح بابه؟ قالوا: نعم، قال:
أفتقرون أيها الناس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى الناس جميعا أن يناموا في المسجد غيري فكنت أبيت في المسجد ومنزلي ومنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) [واحد] في المسجد يولد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولي فيه الأولاد؟ قالوا: نعم، قال: أفتقرون أن عمر حرص على كوة قدر عينيه من منزله إلى المسجد فأبى ذلك عليه النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: إن الله جل اسمه أمر موسى أن يبني مسجدا طاهرا ولا يسكنه غيره