- وأما جمع الحافظ ابن حجر والطحاوي والقاضي المالكي والكلاباذي ومن قال بقولهم (1) فيرده أمور:
* الأمر الأول: أن النبي في بادئ الأمر لم يأمر فقط بسد الأبواب بل أمر بسد كل ثقب في المسجد من باب وخوخة أو ما ينظر منه أو كوة، بل ومثل ثقب الإبرة كما تقدم في رواية عمر وبن سهل وجابر بن سمرة وبريدة وعلي.
فالروايات مصرحة بهذا المنع فلا معنى للاستثناء، إلا على القول بمعصية أجلاء الصحابة في أمره، مع قوله في بعض طرقه: " سدوا قبل أن ينزل العذاب ".
خاصة أن القول بتكرار القصة دعوى لا دليل عليها في الروايات سوى تأييد قول البكرية في وضعهم لحديث سد الأبواب إلا باب أبي بكر.
* الأمر الثاني: أن هذا الجمع إن أريد منه أن الرسول سد الأبواب إلا باب علي، ثم سد الخوخات إلا خوخة أبي بكر فإنه ينافي الكثير من الروايات المصرحة - والتي منها رواية البخاري في الصحيح - بأن الرسول استثنى باب أبي بكر لا خوخته، التي رويت عن أبي سعيد وأيوب بن بشير ومعاوية وأنس وعائشة ويحى بن سعد وحكيم بن عمير وأبي الحويرث.
وفي المقابل الروايات المعبرة بالخوخة ليست إلا رواية ابن عمر وابن عباس (2).
هذا بناء على أن المراد من الخوخة الكوة لا الباب كما فهمه القاضي المالكي في أحكامه والكلاباذي في معانيه والطحاوي في المشكل.
* وقال السيوطي: قد ثبت بالأحاديث السابقة وقرر العلماء أن أبا بكر لم يؤذن له في فتح الباب، بل أمر بسد بابه، وإنما أذن له في خوخة صغيرة وهي المراد من حديث البخاري (3).
على أنه في ذلك الأزمان لم يكن متعارف سوى الأبواب والنوافذ ولا ثالث.
ويشهد له ما تقدم في الأحاديث من طمع الصحابة ببقاء كوة أو مقدار الإبرة وما شابهه، ولا قائل منهم ببقاء الخوخة إما لعدم الفرق بينها وبين الباب، وإما لعدم وجودها أصلا، فسد النبي (صلى الله عليه وآله) الأبواب والنوافذ والكوة وما