الحادي والتسعون: لا بد في الإمامة من مجموع أمرين أحدهما ثبوتي وهو نفوذ حكمه على غيره أعني كل من سواه شرعا ووجوب انقياد الكل إلى أوامره ونواهيه والثاني عدمي وهو عدم نفوذ حكم شخص غيره عليه شرعا وكل واحد من الوصفين يحتاج إلى العصمة فالمجموع يحتاج إلى العصمة أيضا.
أما الأول: فلأن نفوذ حكمه على كل من عداه إنما وجب شرعا لأجل إرشاد الخلايق وحملهم على الشرع المطهر وتنفيذ الأوامر والنواهي وإنما يتم وثوق المكلف بحصول الغاية منه إن لو جزم بأنه لا يأمر إلا بالصواب ولا ينهي إلا بما يوافق الكتاب ولا يفعل شيئا ينافي المشروع ولا يجزم بذلك إلا بالجزم بعصمته واستحالة المعاصي على حوزته.
وأما الثاني: فلأن عدم نفوذ حكم غيره عليه واستقلاله بالرياسة العامة في الدنيا مع عدم العصمة قد أمكن أن يحمله على التغلب وطاعة الشهوية والغضبية بل هو الواقع في أكثر الأحكام وذلك يخل بقائدة الإمامة فيتعين أن يكون معصوما.
الثاني والتسعون: قوله تعالى ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون) هذه الآية تدل على أن الإمام معصوم وتقديره أن نقول حصر العالم في فريقين أحدهما الذين اتصفوا بصفات ثلاث أحدها الإيمان ثانيها عمل الصالحات ثالثها الاخبات إلى ربهم والصالحات عام في جميع الصالحات لوجهين:
أحدهما: إنه جمع محلى بلام الجنس وقد ثبت في أصول الفقه أنه للعموم.
وثانيهما: إن قوله أصحاب الجنة والأصل في الاطلاق الحقيقة والصاحب إنما يصدق على المالك أو المستحق أو المتولي والثالث: غير مراد أجمع فتعين أحد الأولين وقوله أولئك أصحاب الجنة