كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢٩٣
يليق بالحكيم فإيجاب اتباع الإمام في أفعاله وأقواله لا بد وأن يكون بصفة فيها وتلك هي كونها صوابا دائما ولا نعني بالمعصوم إلا ذلك.
السادس والثلاثون: قوله تعالى: (إنك لمن المرسلين على صرط مستقيم) هذا يدل على عصمة النبي لأن معنى كونه على صراط مستقيم أنه لا يجوز عليه الخطأ بل كل أفعاله صواب وإلا لخرج عن الاستقامة في وقت ما لكن إنما يقال أنه على صراط مستقيم إن لو كان كذلك دائما ولأنه ترغيب في وجوب اتباعه وإعلام للأمة أن النبي عليه الصلاة والسلام على صراط مستقيم فاتبعوه إلى ذلك الصراط ما دام هو نبي لكن النبوة له دائما وعلى كل التقادير فكذا وجوب الاتباع فيكون على صراط مستقيم دائما والقائم مقامه وخليفته داع إلى ما دعا إليه فينبغي أن يكون على ذلك الصراط الذي هو عليه فيجب كونه معصوما.
السابع والثلاثون: قوله تعالى: (تنزيل العزيز الرحيم) هذا ترغيب من وجهين، أحدهما: إنه قد حكم بأن ما يأتي به الرسول فهو تنزيل من الله تعالى، وثانيهما: إن الذي نزله عزيز غني عالم وإنما نزله رحمة بكم لأنه رحيم فيكون ما يأتي به رحمة من الله تعالى ولا يعلم أنه كذلك إلا بكونه معصوما فالداعي إلى ما دعا إليه والقائم مقامه في كل الأحوال والأفعال يجب كونه كذلك.
الثامن والثلاثون: قوله تعالى: ((واضرب مثلا لهم أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون) (إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا) الآية وجه الاستدلال يتوقف على مقدمات، أحدهما: إن رحمة الله تعالى متساوية بل على أمة محمد عليه السلام أولى، الثانية: أمة محمد صلى الله عليه وآله أشرف من ساير الأمم لقوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس، الثالثة: إن لطف الإمامة كلطف النبوة، إذا تقرر ذلك فنقول:
لطف الله تعالى في حق الأمة الذين كذبوا وأنكروا الرسالة عليهم بعد التكذيب ولا لطف أعظم من طريق مفيد للعلم بطريق الآخرة وتحصيل السعادة الأبدية والدلالة على الأحكام الشرعية وحفظها بمعصوم فهل يتلطف
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست